ممارسات شراء الاصوات اثرت في حرية اختيار الناخبيين وادت الى غياب في تكافؤ الفرص.

البيان الأوّلي

ممارسات شراء الاصوات اثرت في حرية اختيار الناخبيين وادت الى غياب في تكافؤ الفرص.

بيروت في 17 أيار 2022

تجدر الإشارة إلى أنّه يتم تقديم هذا البيان الأولي الصادر عن بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات (EU EOM) قبل إتمام العملية الانتخابية بكاملها. لا يزال هناك مراحل حسّاسة لم تحسم بعد، بما فيها وضع الجدول العام للنتائج والشكاوى الانتخابية. إنّ بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات هي الآن فقط في وضع يسمح لها بالتعليق على المراقبة التي تمّ إجراءها حتى هذا التاريخ، وسوف تقوم في وقت لاحق بنشر تقرير نهائي يشمل تحليلات كاملة للعملية الانتخابية وتوصيات شاملة بشأن إصلاح النظام الانتخابي. ومن الممكن أيضًا لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات أن تصدر بيانات إضافيّة حول مسائل تتعلّق بالانتخابات إذا ما ارتأت ذلك مناسبًا.

 

ملخّص

رغم ان التحضيرات تأثرت بالموارد المالية والبشريّة المحدودة، أجرت السلطات الانتخابية انتخابات الاستحقاق النيابي المقرر في 15 أيار. طغى على هذه الانتخابات ممارسات واسعة النطاق من شراء الأصوات، والزبائنيّة. شوّهت مبدأ تكافؤ الفرص وأثّرت جدياً على خيارات الناخبين. كانت الحملات الانتخابية مفعمة بالحماس ولكن شابتها حالات متنوّعة من أعمال الترهيب، بما في ذلك، على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاولات عرقلة للحملات الانتخابية. تمّ تشويه المساحة المتاحة على الإنترنت أيضًا بطغيان عمليات التلاعب بالمعلومات. فضلاً عن ذلك، لا يزال حق الاقتراع لفئات معيّنة من المواطنين مقيّدًا إلى حدّ كبير. يعاني الإطار القانوني الذي ينظّم تمويل الحملات الانتخابية من نواقص جسيمة من ناحية الشفافية والمحاسبة. في حين يتم احترام حريّة التعبير بشكل عام، إلاّ أنّ وسائل الإعلام فشلت في ضمان المساواة في ظهور المرشّحين وتأمين التغطية المتوازنة. لا تزال العيوب المتجذّرة في الإطار القانوني من دون معالجة، تمامًا كالتوصيات السابقة الصادرة  من البعثة فيما يخص الانتخابات السابقة، وهي تقتضي إصلاحات عاجلة.

 

  • اتّسمت الفترة التي تلت الانتخابات النيابيّة لعام 2018 بعدم الاستقرار السياسي وبتدهور حاد للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. أدّت المظاهرات التي شهدها لبنان في تشرين الأول 2019 على امتداد مساحة الوطن على خلفية المحنة الاقتصادية وفساد الحكومة وسوء الإدارة العامة إلى إسقاط الحكومة التي ترأسها رئيس مجلس الوزاراء سعد الحريري ومن ثم فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي مع استمرار الانكماش الاقتصادي، فقدت العملة الوطنية في نهاية الأمر 90 بالمائة من قيمتها وارتفعت معدّلات البطالة والفقر. إنّ وباء كوفيد-19 والانفجار المأساوي لمرفأ بيروت في 4 آب 2020 زادوا من حدّة الوضع المتردّي. سلّطت الموجة الكبيرة من الاضطرابات الشعبيّة التي شهدها لبنان في تشرين الأول 2019 إلى جانب انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 الضوء على الفساد المتجذّر الذي يؤثر على البلاد.

 

  • خلال يوم الانتخابات، نشرت بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات 167 مراقبًا في جميع الدوائر الصغرى من البلاد البالغ عددها 26. وبوجه عام، زارت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات 798 قلم اقتراع. تمّ تسجيل حالات من التوتّرات المحليّة. اصبح غياب تدريب موظفي قلم الاقتراع واضحًا كل الوضوح في اليوم الانتخابي، الذين اظهروا ضعفاً في الأداء. كان مندوبو المرشّحين حاضرين بأعداد كبيرة، يراقبون حضور الناخبين وفي أحيان كثيرة كانوا يتدخّلون في مجريات الاقتراع. لم تكن سريّة الاقتراع مضمونة بصورة دائمة. 

 

  • أنجزت عملية اقتراع المغتربين بتاريخ 6 أيار في 10 بلدان من الشرق الأوسط وبتاريخ 8 أيّار في 48 بلدان أخرى، وبلغ عدد الناخبين المسجّلين 225,624 ناخبًا. سارت التحضيرات اللوجستية  بسلاسة وعزّزت وزارة الخارجية والمغتربين مستوى الشفافيّة من خلال قيامها بتجهيز غرفة للبث المباشر لجميع مجريات العملية الانتخابية من جميع أقلام الاقتراع واستجابتها بشكل فوري لمعالجة الإشكالات المسلّط الضوء عليها من قبل المراقبين المعتمدين منها والمراقبين المحليين.

 

  • يشكّل الإطار القانوني أرضيّة مناسبة بشكل عام يُرتكز عليها في سبيل إجراء انتخابات ديمقراطية، على الرغم من الحاجة إلى تطبيق إصلاحات مهمّة من أجل معالجة الثغرات التشريعيّة الراسخة في مجالات متعدّدة  لا تتماشى مع الالتزامات الدولية ذات الصلة التي يتبعها لبنان. وهذه الثغرات تشمل أنظمة تمويل الحملات الانتخابية، ومبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وحق الاقتراع على قدم المساواة، وحق بعض الفئات من المواطنين بالتصويت، وحق الترشّح، كما وصلاحيات وسير عمل هيئة الإشراف على الانتخابات، وبعض الأحكام القانونية المتعلّقة بوسائل الإعلام. لم يتم تطبيق أي من التوصيات الخمس وعشرين الصادرة عن بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في لبنان سنة 2018.

 

  • ينتج عن حجم الدوائر فوارق مهمة من حيث أعداد الناخبين والمقاعد، وهو أمر يتضارب مع مبدأ المساواة في الأصوات. كما أنّ القانون الانتخابي لا ينص على المعايير المعتمدة من أجل تخصيص عدد معيّن من المقاعد لكل دائرة، وهو أمر لا يتوافق مع الممارسات الدولية الجيّدة.

 

  • تعمل وزارة الداخلية والبلديات والإدارات المحلية المعنية بالانتخابات ضمن إمكانيات محدودة جدًّا بسبب الأزمة الاقتصاديّة. نظرًا لوجود نقص في الموارد المالية والبشرية، بدأت التحضيرات للعملية الانتخابية في وقت متأخر جدًّا، وبناء على موازنة حكومية مخصّصة لهذه الغاية في أقل من شهر من موعد الانتخابات. إلا أنّ هذه التحضيرات كانت بشكل عام جاهزة في موعدها، ويعزى ذلك بشكل خاص إلى دعم المجتمع الدولي للجهات القائمة على إدارة الانتخابات. سجّل مراقبو بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات تفاوتات في أداء القائمين على الإدارة المحليّة للانتخابات ، الذين كان غالبًا ما ينقصهم المعلومات الأساسية بشأن المهل الزمنيّة والإجراءات. إنَ هيئة الإشراف على الانتخابات التي تتولّى مراقبة تمويل الحملات الانتخابية والأنظمة المتعلّقة بوسائل الإعلام ليست هيئة إشراف مستقلّة بشكل تام؛ فهي ينقصها التمويل والموارد البشرية المؤهّلة،  التجهيزات الأساسية، التفويض المناسب   وصلاحية المعاقبة.

 

  • أظهر كل من وزارة الداخلية والبلديات وهيئة الإشراف عل الانتخابات افتقارًا معيّنًا للشفافية وقدّما القليل من المعلومات عن التحضيرات الانتخابية. فضلاً عن ذلك، لم تكن الأنشطة المخصّصة من السلطات من أجل توعية المواطنين كافية لتأمين المعلومات المناسبة حول الانتخابات وآليّة الاقتراع.
  • يُحصَر حق الاقتراع إلى حد كبير ببعض الفئات من المواطنين، بالرغم من التزامات لبنان الدولية. حظي سجل قيد الناخبين بجو عام من الثقة لدى الجهات التي تمَ التواصل معها من قبل البعثة. ولكن مسألة عدم قدرة الناخبين على تغيير محل قيدهم بسهولة جعل الكثير منهم يضطرّون إلى الانتقال إلى دائرة انتخابية أخرى في يوم الانتخاب. وفي ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، لم يسهّل هذا النص القانوني الصارم مشاركة الناخبين.

 

  • وبشكل عام كانت الحملات الانتخابيّة مندفعة ولكن شابتها أيضًا بعض حالات الترهيب بحق بعض المرشّحين، والبعض من حالات عرقلة الحملات الانتخابية.

 

  • لا تضمن الأحكام القانونية التي ترعى تمويل الحملات الانتخابية بشكل عام الشفافيّة والمحاسبة. أفسح الإطار القانوني غير المناسب والإشراف الضعيف بما في ذلك انعدام آليات المعاقبة، المجال لتفشي ممارسات شراء الأصوات، وأثّر ذلك على مستوى تكافؤ الفرص ونال من نزاهة خيارات الناخبين.

 

  • تمّ إلى حد كبير مراعاة حرية التعبير خلال فترة الحملات الانتخابية، على الرغم من وجود حالات ترهيب وعدد من الحوادث. خلافًا للقانون، فشلت وسائل الإعلام في تأمين المساواة  في الظهور الإعلامي لجميع المرشحين واللوائح. وتَعزَّز ذلك من خلال عدم المساواة في تقديم المحتوى الانتخابي المدفوع الأجر في ثلاث قنوات تلفيزيونيّة خاصة رئيسية، ومن خلال التغطية غير المتوازنة لوسائل الإعلام المحسوبة على جهات سياسية معيّنة.

 

  • هناك حدَ لحرية التعبير على الإنترنت بموجب القانون وبناء على ممارسات الترهيب المتكرّرة. لم يكرّس قانون الانتخاب الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي وخاصيّتها. ولا تتمتّع هيئة الإشراف على الانتخابات بتفويض صريح لناحية المخالفات المرصودة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. استخدم المرشّحون إلى حد كبير وسائل التواصل الاجتماعي من أجل حملاتهم الانتخابية بما في ذلك من خلال إعلانات معزّزة المحتوى على صفحات التواصل الاجتماعي boosted content. وقد تمّ تشويه المساحة المتاحة على الإنترنت بحملات سلبية واسعة الانتشار من قبل المتنافسين، وتعليقات ازدرائيّة من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، والعديد من الحالات المتشددة من الترهيب بحق المرشّحين ومحاولات تلاعب لفرض روايات يتم تشاركها على صفحات وحسابات تابعة لأحزاب سياسية.

 

  • هناك 118 امرأة مرشّحة (16.4 بالمائة) على اللوائح، وهي زيادة بنسبة إثنان بالمائة مقارنةً مع الانتخابات السابقة. لم يدرج المجلس النيابي  تدابير إيجابيّة في الإطار القانوني من أجل تشجيع المساواة بين الرجل والمرأة والتمثيل النسائي في هيئات صناعة القرار، وفقًا لالتزامات لبنان الدولية.

__________________________________________________________________

إنّ بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات موجودة في لبنان منذ 27 آذار بناء على دعوة موجّهة لها من وزارة الداخلية والبلديات. والبعثة هي بقيادة رئيسها، جورجي هولفيني، وهو نائب في البرلمان الأوروبي (هنغاريا). بشكل إجمالي، نشرت البعثة 167 مراقبًا من 27 دولة عضو في الاتّحاد الأوروبي، ومن كندا والنرويج وسويسرا في جميع أنحاء لبنان من أجل تقويم العملية الانتخابية برمّتها مقارنةً مع الالتزامات والتعهّدات الدولية بإجراء انتخابات ديمقراطية كما ومدى الالتزام بالقوانين في لبنان. انضم إلى البعثة أيضًا وفد من البرلمان الأوروبي برئاسة براندو بينيفي، نائب في البرلمان الأوروبي، وهو يعرب عن تأييده التام لهذا البيان.

في يوم الانتخاب، زار المراقبون اقلام اقتراع في جميع الدوائر الصغرى البالغ عددها 26 في لبنان، 73 عند فتح اقلام الاقتراع، 658 خلال سير العملية الانتخابية و67 خلال عملية الاقتراع والفرز.

يصدر هذا البيان الأولي قبل إتمام العملية الانتخابية. ويرتبط التقويم النهائي للانتخابات من جهة، بسير المراحل المتبقيّة من العملية الانتخابية، وبشكل خاص، وضع الجدول العام للنتائج الانتخابية، والبتّ في الشكاوى والطعون المحتملة التي تطرأ بعد حدوث العملية الانتخابية. تبقى بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في البلاد من أجل مراقبة التطوّرات التي تلي العملية الانتخابية وسوف تنشر تقريرًا نهائيًّا بهذا الشأن، يتضمّن توصيات مفصّلة، خلال شهرين من تاريح انتهاء العملية الانتخابية.

تتمتّع بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات بالاستقلالية في إصدار استنتاجاتها وملاحظاتها وهي تتقيّد بإعلان مبادئ المراقبة الدوليّة للانتخابات المصادق عليه في الأمم المتّحدة في تشرين الأول 2005.

 

 

الاستنتاجات الأوليّة

 

 

الخلفيّة

 

عقب الانتخابات النيابية السابقة في 6 أيار 2018، شكّل رئيس تيار المستقبل سعد الحريري حكومة وحدة وطنية في كانون الثاني 2019، شملت مجموعة كبيرة من القوى السياسية اللبنانية (تيار المستقبل، حزب القوات اللبنانية، الحزب التقدّمي الاشتراكي، حزب الله، حركة أمل، والتيار الوطني الحر).

 

هناك خط مميز يفصل المشهد السياسي اللبناني الذي تفاقم خلال الانتخابات، وهو ولاء الاطراف السياسية الاساسية لمنافسة القوى الاقليمية. خلال الحملة، المرشحون من الطرف السني، القوات اللبنانية، الحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب دعوا الى سيادة الدولة والبلاد، مناشدين تجريد حزب الله من سلاحه واتهام الثنائي حزب الله/امل باتباع اجندة ايرانية/سورية. بدوره اصرَ حزب الله على المقاومة المسلحة ضد اسرائيل، معتبرين هذه القوى السياسية التي تطالب بتسليم سلاحه بالعمل لصالح اعداء لبنان.

في عام 2022، واجهت القوى الساسية التي تمثل المجتمع السني صعوبات في تنظيم انفسهم بعد اعلان انسحاب رئيس تيار المستقبل رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري. رغم ذلك دخل اعضاء سابقون في تيار المستقبل وقادة آخرون من الطائفة السنية في المعركة الانتخابية. ان ادائهم الانتخابي رغم غياب وحدتهم، لعب دوراً اساسياً في المحافظة على التوازن الضعيف بين الاحزاب السنية والشيعة.

 

على الرغم من أنّ أحداث تشرين الأول 2019 لم تدم طويلاً، إلا أنّها تسبّبت بنشوء قوى سياسية جديدة من المجتمع المدني تتطلّع إلى تكوين تمثيل برلماني. وبرهنت نتائج الانتخابات بوضوح أنّه بإمكان هذه القوى أن يكون لها رأي في السياسة اللبنانية.

 

الإطار القانوني

 

يعتبر الإطار القانوني بوجه عام لإجراء انتخابات ديمقراطية، ولكن ثمّة حاجة لإصلاحات مهمّة من أجل معالجة الثغرات التشريعية الراسخة والجدية في مجالات مختلفة.

 

يشكّل الإطار القانوني أرضيّة مناسبة يُرتكز عليها في سبيل إجراء انتخابات ديمقراطية، على الرغم من أنّه لا يزال غير مستوفيًا للمعايير الدولية المعنية التي يلتزم بها لبنان وذلك في بعض الجوانب مثل أنظمة تمويل الحملات الانتخابية والمساواة في حق التصويت ومبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وحق بعض الفئات من المواطنين بالتصويت وبالترشّح، وصلاحيات وسير عمل هيئة الإشراف على الانتخابات، والأحكام القانونية  في ما يخص وسائل الإعلام. فضلاً عن ذلك، لم يتم تطبيق أجزاء رئيسيّة من الإطار القانوني.

 

لم يطرأ على الإطار القانوني الانتخابي لعام 2022 تقريبًا أي تغيير يذكر مقارنة مع الانتخابات السابقة. قدّمت بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في لبنان في العام 2018 لائحة تضمّ 25 توصية، تطلّبت العديد منها تبنّي تعديلات تشريعيّة. لم يتم تطبيق أي من هذه التوصيات.

 

النظام الانتخابي

 

ينتج عن حجم الدوائر كما هو محدد من القانون  تفاوت في وزن الصوت.

 

يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب الذين يبلغ عددهم 128 نائبًا لمدة أربع سنوات من خلال نظام التمثيل النسبي. يستند النظام الانتخابي إلى التوزيع الطائفي للمقاعد، بحيث يتم تخصيص نصف المقاعد للمسلمين والنصف الآخر للمسيحيين. في حين أنّ الناخبين يستطيعون التصويت لأي مرشح ضمن دائرتهم، لا يجوز للمرشحين الترشح إلّا عن المقعد المخصص للطائفة التي ينتمون إليها.

 

نصّ قانون الانتخابات التشريعيّة لعام 2017 على إنشاء 15 دائرة كبرى منقسمة إلى 26 دائرة صغرى، وحدّد عدد المقاعد التي سيتم التنافس عليها في كل منها. إنّ حجم الدائرة المحدد قانونيًّا (أي عدد المقاعد المخصص لكل دائرة) ينتج عنه فوارق كبيرة في النسب بين أعداد الناخبين والمقاعد،[1] وهو أمر يتنافى مع مبدأ المساواة في التصويت. فضلاً عن ذلك، في حين أنّ حدود الدوائر الانتخابية مطابقة إلى حد كبير للتقسيم الإداري للبلد (باستثناء: بيروت، بعلبك-الهرمل، وقرى صيدا-صيدا)، لا يشرح القانون المعايير المعتمدة من أجل تخصيص عدد معيّن من المقاعد لكل دائرة. هذا النقص في المعايير القانونيّة والموضوعيّة لا يتوافق مع الممارسات الدولية الجيّدة.

 

 

 

 

القائمون على إدارة الانتخابات

 

على الرغم من النقص الحاد في الموارد، جرت معظم التحضيرات الانتخابية في موعدها، ولكن صدر عن القائمين على إدارة الانتخابات درجات متفاوتة من الشفافية والأداء.

 

إنّ إدارة الانتخابات هي من مسؤولية وزارة الداخلية والبلديات كما المحافظين والقائمقامين على المستوى المحلي. فضلاً عن ذلك، تم تعيين لجان من القضاة من أجل كل عملية انتخابية، وذلك في المقام الأول من أجل وضع الجدول العام للنتائج. كانت وزارة الداخلية والبلديات والإدارة المحلية يعملون بإمكانيات محدودة بسبب الأزمة الاقتصادية، بحيث يعمل معظم الموظّفين فقط لبضعة أيام في الأسبوع بسبب ارتفاع كلفة النقل. إنّ الخلافات الداخلية والإدارة غير الشفافة داخل وزارة الداخلية والبلديات كانت مقترنة بالانعدام العام للشفافية واطلاع الرأي العام بشأن التحضيرات الانتخابية، بما في ذلك تجاه بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات.[2]

 

بلغت موازنة هذه الانتخابات 320 مليار ليرة لبنانيّة (14,8 مليون يورو)، أي أقلَ من ثلث موازنة انتخابات العام 2018. في حين تمّت المصادقة على قانون الموازنة من قبل المجلس النيابي في 29 آذار والتوقيع عليه من قبل الرئيس في 7 نيسان، إلاّ أنّه لم يتم إجراء أية تحاويل إلى السلطات الانتخابية قبل أول أسبوع من شهر أيار. لم تضع وزارة الداخليّة والبلديّات جدول زمني مفصّل للانتخابات، كما كان ينقص المحافظين والقائمقامين المعلومات الأساسية بشأن المهل الزمنية والإجراءات. كان التحدّي الكبير للتحضيرات الانتخابية يقضي بتأمين الكهرباء لمراكز الاقتراع وتنظيم الجدول العام للنتائج. وبما أنّ العرض من شركة كهرباء لبنان تجاوز الموازنة الكاملة المخصصة للانتخابات، قرّرت وزارة الداخلية والبلديات الاعتماد على أصحاب المولّدات الخاصة وألقت المسؤولية على الإدارة المحلية التي لم تتلقى أي تمويل لذلك قبل 8 أيار. سجّل مراقبو بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات تفاوتات في الأداء من جهة القائمين على الإدارة المحلية للانتخابات، مع إظهار البعض منهم لمستوى عال من الالتزام على الرغم من الوضع الصعب. في نهاية المطاف، تمّ إجراء التحضيرات الأساسية للانتخابات، وإن كان ذلك في اللحظة الأخيرة، بسبب نقص الموارد. لم يكن معظم محاوري بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات يثقون بوزارة الداخلية والبلديات كما بمؤسسات الدولة ككل.

 

تراقب هيئة الإشراف على الانتخابات على الالتزام بأنظمة تمويل الحملات الانتخابية كما الأنظمة المتعلقة بوسائل الإعلام. وفي الأيام الأخيرة قبل موعد هذه الانتخابات، نشرت هيئة الإشراف على الانتخابات أكثر من 40 قرارًا وإعلاناً، بشكل رئيسي من أجل توضيح القواعد التي ترعى حملات المرشّحين ووسائل الإعلام. في حين يصف قانون الانتخابات هيئة الإشراف على الانتخابات بالمستقلة هو في الوقت نفسه ينص على اعتماد الهيئة على وزارة الداخلية والبلديات من حيث الموارد المالية والإدارية. عمليًّا، كان ينقص هيئة الإشراف على الانتخابات التمويل، الموارد البشرية المؤهّلة، والتجهيزات الأساسيّة. اتّخذت هيئة الإشراف على الانتخابات موقفًا متحفّظًا تجاه الجهات المعنيّة، بما في ذلك بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، ما أدّى إلى وصول صعب إلى المعلومات، على الرغم من أنّ بعض الأعضاء، وبصفتهم الفردية، أطلعوا البعثة على مستجدات  مهمّة بشأن العملية الانتخابية.

 

بشكل عام، كانت معلومات الناخبين بشأن الانتخابات والإجراءات غير كافية إلى حدّ واسع. من ضمن الصلاحيات القانونية لهيئة الإشراف على الانتخابات القيام بتثقيف الناخب. اعتبارًا من 20 نيسان، نشرت هيئة الإشراف على الانتخابات 24 منشورًا على الفيسبوك يتضمّن فيديوهات أو مواد تثقيفية مرئيّة للناخبين، بما في ذلك مواد تتعلق بتصويت المغتربين وحقوق الناخبين من ذوي الاحتياجات الخاصة. فضلاً عن ذلك، يقتضي قانون الانتخابات من وسائل الإعلام تخصيص على الأقل ثلاث ساعات في الأسبوع لبرامج توعية الناخبين الرسمية. لم يبثّ تلفزيون لبنان التابع للدولة أي إعلان لتوعية الناخب. أمّا القنوات التجارية فبثّت محتوى تثقيفي للناخبين من إنتاجها أو من إنتاج هيئات المجتمع المدني. كانت محطة ال MTV المحطة الوحيدة التي بثّت إعلانات رسمية لتوعية الناخبين من إنتاج وزارة الداخلية والبلديات وهيئة الإشراف على الانتخابات، بدأت فقط بتاريخ 22 نيسان، أي بتاريخ بعيد عن الحد الأدنى المشروط من ثلاث ساعات في المحطّة التلفزيونية الواحدة وفي الأسبوع خلال الحملات الانتخابية. نادرًا ما لاحظت بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات أي مبادرات تثقيفية للناخبين على المستوى المحلي.

 

تسجيل الناخبين

 

حظي سجل قيد الناخبين بجو عام من الثقة، ولكن هناك البعض من القيود المفروضة على الحق بالتصويت لا تستوفي المعايير الدولية، وأحكام صارمة تتعلق بسجلات القيد لم تسهّل مشاركة الناخبين.

 

تمّ تحديد سن الواحد والعشرين كسن للاقتراع (في حين يحدد سن الرشد بـِ 18 عامًا)، الأمر الذي يؤدي إلى استبعاد المواطنين الشباب ولا يتوافق مع الممارسات الدولية الشائعة. لا يزال حق التصويت بالنسبة إلى بعض الفئات من المواطنين مقيّدًا إلى حد كبير. وهذا لا يتوافق مع التزامات لبنان الدولية. فالقانون يحرم عناصر السلك العسكري غير المتقاعدين من مختلف الرتب ومن أي جهاز ينتمون إليه من الاقتراع في حين أنّ المواطنين المجنّسين يمكنهم فقط التصويت أو الترشّح بعد عشر سنوات من تاريخ تجنيسهم. لم يتم وضع أية تدابير للموقوفين قبل المحاكمة لتمكينهم من ممارسة حقهم بالتصويت.

 

إنّ قيد الناحبين في لبنان يفتقر للفاعلية؛ إذ يتم تحديث سجل القيد الثابت للناخبين مرة في السنة. تصدر لوائح الشطب عن وزارة الداخلية والبلديات بالاستناد إلى سجلاّت قيد النفوس. بالنسبة إلى هذه الانتخابات، تضمّن سجل الناخبين الأولي 3,970,073 ناخبًا. بعد فترة التفتيش العام من 15 كانون الأول 2021 حتى 1 كانون الثاني 2022، تم الإعلان عن الرقم النهائي البالغ 3,967,507 ناخبًا ومن ضمنه 50,97 بالمائة من النساء.

 

إنّ الناخبين مسجّلين للتصويت في قرى أجدادهم من جهة الأب. من الممكن تغيير مكان السجل ولكن هذا الأمر يتطلّب إجراءًا طويلاً نادرًا ما يتم القيام به. لا يوجد محل سكن العديد من الناخبين في المكان المسجّلين فيه وعليهم الانتقال إلى دائرتهم الانتخابية في يوم الانتخاب، حتى كان هذا الأمر أصعب هذه السنة في ظل الأزمة الاقتصاديّة وارتفاع كلفة النقل. كان يجب إنشاء "الميغاسنتر" من أجل هذه الانتخابات، لكونه كان سيسمح للناخبين الإدلاء بأصواتهم ضمن الدائرة الانتخابية الخاصة بهم من مكان مركزي. تمّ تجاهل هذه الخطط، ويعزى ذلك على حد ما زعم إلى القيود اللوجستيّة والمالية.

 

تسجيل المرشّحين

 

عمليّة لا خلاف عليها، على الرغم من أنّ قيود الحق في الترشح لا تستوفي المعايير الدولية.

أقفل باب تسجيل المرشّحين في 15 آذار بحيث تمّ تسجيل 1,043 مرشّحًا، أي 77 مرشّحًا أكثر من سنة 2018. يجب على المرشّحين تحديد طائفة المقعد الذي يترشحون عليه والدائرة التي ينوون الترشح فيها وعليهم أن ينتموا لنفس الطائفة المحفوظة للمقعد الذي يتنافسون عليه. وهذه الأحكام لا تستوفي المعايير الدولية المتعلقة بحق الترشّح. مرّت عملية التسجيل على خير، بحيث تمّ رفض مرشّحَين فقط، لكونهما سبق لهما أن ألغيا طائفتهما من سجل قيد نفوسهما. بحلول 4 نيسان، كان يتوجّب على المرشّحين أن يشكّلوا لوائح تراعي توزيع المقاعد في كل دائرة انتخابية، كما تلتزم بالتوزيع الطائفي لتلك المقاعد. هناك مجموع من 718 مرشّحًا يتنافسون على 103 لوائح.

 

بيئة الحملات الانتخابيّة

 

بيئة هادئة بشكل عام على الرغم من بعض الحوادث، ولكن شراء الأصوات وممارسات الزبائنيّة أضعفت إلى حد كبير خيارات الناخبين.

جرت فترة الحملات الانتخابيّة بين 10 كانون الثاني و13 أيار. لجأ المرشّحون إلى مجموعة متنوّعة من الوسائل (التجمّعات الجماهيريّة، الزيارات في البيوت، واللوحات الإعلانيّة، والمواد المرئية الأخرى، والدعوات إلى موائد الإفطار، والاتصالات الهاتفيّة، الخ.) وفقًا لإمكانياتهم الإنفاقيّة، كما إلى العلاقات مع العائلة والناس. في حين تتميّز بشكل عام أنشطة الحملات الانتخابية بالمندفعة، في بعض المناطق في الجنوب، مثلاً في الجنوب الثانية والثالثة، حيث الثنائي المؤلّف من حزب الله وحركة أمل هو المسيطر، كانت وطأتها إلى حد كبير أقل في الأماكن الأخرى من البلد.

 

تمحورت رسائل الحملات الانتخابية حول الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وسبل معالجتها، كما محاربة الفساد. أما المرشّحين المعارضين لحزب الله فكانت شعاراتهم استقلال وسيادة لبنان وتحييده عن التدخلات الإقليمية، في حين كان حزب الله يعوّل على ضرورة مواصلة المقاومة ضد "الأعداء الخارجيين".

 

بحسب تقييم بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات كان يشوب الحملات الانتخابيّة انعدام تكافؤ الفرص والتأثير السلبي للأزمة ككل على حجم وتنوّع أنشطة حملات المرشّحين. تمّ تسجيل العديد من حالات شراء الأصوات وممارسات الزبائنيّة من مصادر موثوقة. ومن بين التكتيكات التي لجأت إليها بعض الأحزاب السياسيّة والمرشّحين، توزيع "ربطات الخبز" واللوازم الطبيّة كما المولّدات الكهربائية والطاقات الشمسية وتأمين المحروقات، وغالبا ما يكون ذلك في مكاتبهم بحيث تمّ التأثير على الناخبين تأثيرًا غير مشروعًا.

 

كما تمّت ملاحظة وتسجيل حالات من الترهيب، بما في ذلك حالات تخويف للنساء المرشّحات، وإتلاف منشورات خاصة بالحملات الانتخابيّة وعرقلة أنشطة الحملات الانتخابيّة. ولكن هذه المخالفات بقيت محليّة ولا يمكن اعتبارها كمؤثّرة على نتائج الانتخابات.

 

لدى معظم المرشّحين المتنافسين وجودًا راسخاً على الإنترنت. إنّ التحدّيات الماليّة والوصول غير المتكافئ إلى وسائل الإعلام التقليديّة، والحاجة إلى تجديد سبل توجيه رسائل الأحزاب بالطريقة التي تجذب الشباب، نقلت بشكل جزئي الحملات الانتخابية إلى الإنترنت. تظهر مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي من قبل بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات أنّ ممثّلي التحالف كانوا على استعداد للتحالف مع حزب الله الأكثر نشاطًا، بحيث شكّلوا 52 بالمائة من منشورات الحملات الانتخابية، مقابل 32 بالمائة من قوى غير تابعة لحزب الله. سمحت منصّات التواصل الاجتماعي للمرشّحين المستقلين والمعارضين بالظهور، بما في ذلك من خلال المحتوى المدفوع الأجر. ولكن الفرص كانت تميل بشدة لصالح المرشّحين الأيسر حالاً الذين لديهم إمكانيات مالية أكبر لخلق ودعم المحتوى. هناك جزء كبير من الرسائل عبر الإنترنت منشور من جهات سياسيّة يعتبر بمثابة حملة سلبية (16,5 بالمائة)، تحديدًا المراسلات التي تعارض بشكل رئيسي حزب الله، وحركة أمل، والحكومة، وبدرجة أقل القوات اللبنانية. ولاحظت بعثة الاتحاد الأوروبي أنّ بعض المرشّحين واصلوا حملاتهم الانتخابية على الفيسبوك وتويتر لحين يوم الانتخاب.

 

تضاعفت الحملات الانتخابية في وسائل الإعلام بشكل كبير في الفترة الأخيرة التي سبقت الاقتراع. حدّدت معظم وسائل الإعلام الخاصة، بما في ذلك المواقع الإلكترونية الإخبارية المحلية والمحطات الإذاعية رسومًا مقابل التغطية الإعلامية للمرشّحين، مع أسعار مرفوعة بشكل ملحوظ لقنوات التلفزيون الخاصة الرئيسية. وصرّحت مؤسسات البث أنّها قدّمت أيضًا وصول مجّاني لمرشّحين أقل اقتدارًا، بمن فيهم مرشحي الثورة، على أساس كل حالة على حدة. وقدّمت القنوات التلفيزيونيّة المحسوبة على جهات سياسية الوصول المجاني والتغطية المدفوعة الأجر على حدّ سواء، بحسب الحزب السياسي الذي ينتمي إليه المرشّحين.

 

تمويل الحملات

 

سمح الإطار القانوني غير المناسب المقترن بالأزمة الاقتصاديّة والاجتماعية الحادّة بتفشّي ممارسات شراء الأصوات، الأمر الذي أثّر على تكافؤ الفرص.

 

لا يتضمّن الإطار القانوني لتمويل الحملات الانتخابيّة بشكل عام بعض الالتزامات وأفضل الممارسات الدولية فيما يخص الشفافيّة والمحاسبة. على الرغم من توصيات بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات لعام 2018، لا يزال لهيئة الإشراف على الانتخابات صلاحيات محدودة وهي تفتقر إلى الموارد الإنسانيّة والمالية كما إلى صلاحية المعاقبة ولا تتمتّع بالشخصية القانونيّة.

 

إنّ الأزمة الاجتماعية والاقتصاديّة والمالية الصعبة، وشبه الاختلال الوظيفي للنظام المصرفي، كما انعدام الرقابة الفعّالة وآلية المعاقبة لضمان المحاسبة، أثّرت على مبدأ تكافؤ الفرص.

 

إنّ مراقبة تمويل الحملات محصورة بالحساب المصرفي للحملات الانتخابية الذي يجب أن يفتحه المرشحون واللوائح لدى تسجيلهم، مع الحفاظ على السريّة التامة لحسابات شخصية أخرى للمرشّحين أو أقربائهم. على الرغم من أنّه وفقًا للقانون، يجب أن تجري جميع العمليات التي تفوق 1,000,000 ليرة لبنانية (36 يورو) بموجب شيك، إلاّ أنّه عمليًّا، كانت المصاريف الانتخابية تدفع إلى حد كبير نقدًا، طارحةً المزيد من التحديات في مسألة تعقّب مسار الأموال الانتخابية والتحقق من الالتزام بالسقف الإنفاقي. أقرّت هيئة الإشراف على الانتخابات لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات بأنّها لا تملك القدرة على مراقبة العمليات النقدية (الكاش).

 

حتى وإن كان القانون يفرض على المرشحين واللوائح سقفًا للإنفاق على الحملات الانتخابية، يختلف بحسب حجم الدوائر لا تملك هيئة الإشراف على الانتخابات أية موارد لتقييم صحة المعلومات المالية المقدّمة من المرشّحين واحترام هذه السقوف.

 

لاحظت بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات تداول نقدي هائل في الحملات الانتخابية، حيث طغت ثقافة المساعدات العينية والمالية لغايات انتخابية، من قبل مؤسسات مملوكة أو مدارة من مرشّحين أو أحزاب. وهذه الممارسات هي ناتجة عن النص القانوني الذي وفقًا له لا يكون توزيع الخدمات و المساعدات المالية  خلال فترة الحملة الانتخابية خاضعًا للسقف الإنفاقي ولا يكون تحت سيطرة هيئة الاشراف على الانتخابات، إذا تمّ تقديمها قبل ثلاث سنوات من موعد الانتخابات. وهذا الأمر يفتح المجال للتجاوزات على صعيد تمويل الحملات الانتخابية من قبل الأحزاب والمرشحين المقتدرين، الذين يمكنهم التأثير على خيار الناخبين مقابل توفيرهم لهم الضروريّات الحياتيّة الأساسيّة، خاصّة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.

 

يسود التعتيم والغموض عملية تمويل الأحزاب السياسيّة. في حين يمنع القانون المساهمات أو التبرّعات الأجنبيّة للمرشّحين واللوائح، لا يوجد أي مثل هكذا حظر يتعلّق بتمويل الأحزاب السياسية، ولا يمكن لهيئة الإشراف على الانتخابات الاطّلاع على حساباتهم المصرفيّة.

 

في حين لم يتم تقديم تقارير مالية من قبل جميع المرشّحين ولم يتم على الإطلاق تطبيق العقوبات في الانتخابات السابقة، هناك فقط عدد محدود من المرشّحين واللوائح الذين تقدّموا بالتقارير الماليّة الشهرية الإلزامية. لا يوجد حاليًّا أيّة شروط يفرضها القانون الانتخابي من حيث الإفصاح العام عن التقارير المالية، أو أية شروط يفرضها على المرشّحين واللوائح الذين لم يلتزموا بوجوب التصريح عن تمويلهم للحملات الانتخابية. عمليًّا، يسمح انعدام تطبيق العقوبات للمرشّحين بتجاهل الأحكام القانونية الهشة، فيما يخص تمويل الحملات الانتخابية.

 

بتاريخ 22 آذار، عمّمت ميتا مكتبتها الإعلانيّة الخاصة بلبنان، حرصًا منها على تحقيق المزيد من الشفافيّة بشأن الإنفاق على الفيسبوك. رغم ذلك كان الإنفاق عبر الإنترنت محصورًا مقارنةً مع عمليّة الإنفاق بشكل عام.

 

وسائل الإعلام

 

لم يضمن المشهد الإعلامي الطائفي والمتحزّب سياسيًّا تكافؤ الفرص للمرشّحين، لقد اساء اكثر من خلال الاعتمادعلى الموارد المالية للوصول الى قنوات التلفزيزنية الاساسية

 

بقي المشهد الإعلامي، على الرغم من تنوّعه وديناميكيّته، منقسمًا على أسس طائفيّة وسياسيّة، بحيث أنّ ذلك كان يمنع التغطية الإعلامية الشاملة والمستقلة. إنّ ملكية وسائل الإعلام التي يشارك فيها أحزابًا سياسيّة، وتتضمّن مصالح تجاريّة وتساهم فيها عائلات غنيّة، كان لها أثر أيضًا على المحتوى الإعلامي. نقلت قنوات التلفزيون الخاصة الجزء الأكبر من المحتوى السياسي، إلى جانب وسائل الإعلام عبر الإنترنت ووسائل الإعلام المحليّة.

 

تمّ بشكل عام احترام حريّة الإعلام خلال فترة الحملات الانتخابية. ولكن، حصلت عدة حالات ترهيب بحق الصحفيين، وتمّت الإفادة بممارسة واسعة النطاق للرقابة الذاتيّة، كما تمّ تسجيل حوادث عنف محدودة بحق وسائل الإعلام.

 

كانت الحملات الانتخابيّة في وسائل الإعلام كثيفة وحيويّة بشكل عام، بالرغم من أنّ المناظرات التلفزيونية كانت نادرة بين المرشّحين. وكانت محطة تلفيزيون لبنان التابعة للدولة تبثّ فقط برنامجًا انتخابيًّا واحدًا يتيح الظهور المجّاني للمرشحين وكان القليل جدًّا منهم يشارك فيه، ويعزى ذلك في جزء منه إلى معدّلات المشاهدة المنخفضة لهذه المحطّة الحكوميّة. كان تلفيزيون لبنان يغطّي بشكل رئيسي أنشطة الرئيس، والحكومة، ورئيس مجلس النواب، كما الأحزاب السياسية الحاكمة في برامجه الإخباريّة.

 

خلافًا للقانون، تخلّفت وسائل الإعلام عن تأمين الظهور المتساوي لجميع المرشّحين واللوائح. ما زاد من هذا الأمر كان التدفق الانتقائي للمحتوى الانتخابي المدفوع الأجر، بشكل رئيسي على ثلاث محطّات تلفيزيونيّة خاصّة رئيسيّة، الجديد، LBCI، وMTV. فضلاً عن ذلك، فضّلت وسائل الإعلام المحسوبة على أطياف سياسيّة بشكل رئيسي لوائحها الخاصة ومرشّحيها، ما أسهم في عدم تحقيق التوازن في التغطية الإعلامية الانتخابيّة لصالح الاحزاب السياسية الاساسية.

 

لم تلتزم معظم محطّات البث التفليزيونيّة بواجبها عرض شعار"برامج مدفوعة الأجر" “SP”) sponsored program) المحدّد، على شاشاتها عندما تكون تغطيتها الانتخابيّة مدفوعة الأجر، بما في ذلك بالنسبة للنقل المباشر للحملات. أكّدت وسائل الإعلام الرئيسيّة لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات أنّ الأسعار الرسميّة التي أرسلتها إلى هيئة الإشراف على الانتخابات كانت "وهميّة" ومقدّرة بأسعار تقلَل من شأنها، وذلك خلافًا للقانون وكانت عمليات الدفع تتم نقدًا.

 

 

لم تتصرف هيئة الاشراف على الانتخابات بشكل حيادي، مستقل، شفاف ذات سلوك متناسق لضمان التزام وسائل الاعلام بالقوانين الخاصة بها.

بشكل عام، لم تصرّح هيئة الإشراف على الانتخابات عن معلومات كافية حول المخالفات المتعلّقة بوسائل الإعلام للرأي العام أو لبعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات. نقلاً عن مصادر موثوقة، تمّ اعتبارًا من 28 نيسان رصد 405 مخالفات لوسائل الإعلام من قبل هيئة الإشراف على الانتخابات، تتعلّق جزئيًّا بالخطاب التحريضي المزعوم، دون الإشارة إلى اتّخاذ إجراء فعّال بهذا الشأن. اعتبارًا من 10 أيار، لم يتم إحالة أية شكاوى تتعلق بوسائل الإعلام إلى محكمة المطبوعات من قبل هيئة الإشراف على الانتخابات.

 

لم يتم بشكل عام احترام الصمت الانتخابي، الذي يمنع نقل الحملات الانتخابيّة المباشرة في وسائل الإعلام قبل 24 ساعة من كل محطّة انتخابية وخلال أيام الانتخابات، وتمّ تسجيل العديد من المخالفات على معظم القنوات التلفيزيونيّة. فضلاً عن ذلك، بلغ مجموع الأيام التي شملها الصمت الانتخابي ثمانية أيّام في الفترة الممتدّة من 5 أيّار إلى 15 أيّار، الأمر الذي جردَ جزئيًّا الناخبين من حقّهم في القيام بخيار واعٍ لدى الإدلاء بأصواتهم.

 

ركّزتّ بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في مراقبتها لوسائل الإعلام خلال الحملات الانتخابيّة على جميع المحتويات المتعلقة بالانتخابات بما في ذلك الأخبار، والمقابلات، والمناظرات والبرامج المدفوعة الأجر[3]. على محطة تلفيزيون لبنان التابعة للدولة، تمّت التغطية الإعلامية لنشاطات رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، والحكومة ورئيس مجلس النواب معًا بنسبة 78 بالمائة، وفي غالب الأحيان بطريقة حيادية وبحكم عملها كمؤسسة من مؤسسات الدولة، في حين أنّ الأحزاب الثلاثة التي خُصّص لها القدر الأكبر من البث المباشر فكانت حركة أمل (سبعة بالمائة)، وحزب الله (أربعة بالمائة)، والقوات اللبنانية (اثنان بالمائة)، ومن ثم التيار الوطني الحر والحزب التقدّمي الاشتراكي (واحد بالمائة كل منهما)، وفي أغلب الأحيان بطريقة حيادية. على محطة الجديد، كانت الجهات السياسية التي خُصّص لها القدر الأكبر من البث المباشر: المستقلون المناصرون لتحالف 14 آذار والمستقلون (21 بالمائة)، ومرشّحو المجتمع المدني (15 بالمائة)، والتيار الوطني الحر (تسعة بالمائة)، والكتائب (ثمانية بالمائة) والحزب التقدمي الإشتراكي (سبعة بالمائة). على محطة LBCI: المستقلون المناصرون لتحالف 14 آذار والمستقلون (20 بالمائة)، والتيار الوطني الحر (14 بالمائة)، والكتائب (12 بالمائة)، ومرشّحو المجتمع المدني (تسعة بالمائة) والحزب التقدّمي الإشتراكي (سبعة بالمائة). على MTV: المستقّلون المناصرون لتحالف 14 آذار والمستقلون (23 بالمائة)، الكتائب (15 بالمائة)، ومرشّحو المجتمع المدني (14 بالمائة)، والقوات اللبنانية (14 بالمائة) والتيار الوطني الحر (تسعة بالمائة)، وحزب الحوار الوطني (خمسة بالمائة) والحزب التقدّمي الإشتراكي (أربعة بالمائة).  

 

وسائل التواصل الاجتماعي والحقوق الرقميّة

 

حدّت العقبات القانونيّة وأعمال الترهيب من حريّة التعبير على الإنترنت، في حين شوّه الخطاب التحقيري وتلفيق الأخبار المساحة المتاحة على الإنترنت.

 

تخضع منشورات وسائل التواصل الاجتماعي إلى إطار قانوني يقيّد دون وجه حق حريّة التعبير عبر الإنترنت، خلافًا للمعايير الدوليّة. تمّ اللجوء إلى شكاوى انتقائيّة بحق أصوات ناقدة وتمّ استدعاءها من قبل الأجهزة الأمنيّة مرارًا وتكرارًا، ما أدّى إلى ممارسة الرقابة الذاتيّة. لا يحمي القانون وتطبيقه من قبل السلطات بشكل كافٍ الخصوصيّة وبيانات المستخدمين، كما أنه لا ينص على إنشاء هيئة إشراف مستقلّة، الأمر الذي يؤدّي إلى تداول بيانات الناخبين الشخصيّة على نطاق واسع لغايات الحملات الانتخابية.

 

لا ينص القانون الانتخابي على الاستخدام المتزايد لوسائل الإعلام وخصوصيّتها، كما أنّه لا يمنح هيئة الإشراف على الانتخابات صلاحيّات صريحة بشأن المخالفات التي توثّقها على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

هناك خمس وتسعون بالمائة من شرائح المجتمع الذين يبلغون من العمر أكثر من 13 عامًا يحق لهم الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من التحديات المرتفعة من ناحية البنية التحتية ومن الناحية الاقتصادية التي يواجهونها. مع تسجيله 3.15 مليون مستخدمًا، كان الفيسبوك المنصّة المفضّلة لتشارك المعلومات، في حين كان تويتر الأكثر تأثيرًا في تشكيل الخطاب السياسي. تمّ استخدام الواتساب على نطاق واسع كوسيلة للوصول إلى الناخبين. تمّ تشويه المساحة عبر الإنترنت بحملات انتخابية سلبية واسعة النطاق، وتعليقات تحقيريّة، وحالات خطيرة متعددة من الترهيب، ومحاولات تلاعب لفرض الروايات.

 

كان الخطاب المهين متفشّيًا على الفيسبوك كما على تويتر، بحيث جرّ المرشحين إلى إجراء مناظرات عبر الإنترنت. قامت بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات بتحليل أكثر من مائة تعليق يحتوي على شتائم واتّهامات بالفساد والقتل والخيانة العظمى، وإهانات لأسر المرشّحين المتنافسين، وشتائم ذات طبيعة جنسيّة. فضلاً عن ذلك، واجهت بعض المرشّحات هجمات شرسة وهاشتاغات بشأن إعاقة أو الميول الجنسي لأولادهنّ، وهما خصوصيّتين خاضعتين للحماية من خطاب الكراهية.

 

هناك العديد من المرشّحين المتنافسين، خاصّة من المرشّحين الشيعة المستقلّين، أبلغوا بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات عن عمليات تهديد وترهيب منسّقة خطيرة عبر الإنترنت، بما فيها التهديدات بالاغتصاب وبالقتل. وتحقّقت التهديدات وعمليّات الترهيب في حالات من العنف على أرض الواقع بحيث استهدفت مرشّحين من الطائفة الشيعيّة لم يشاركوا في لوائح حزب الله-أمل. أسكت الترهيب الأصوات المعارضة، وكان له تأثر على تعدّديّة الآراء على الإنترنت وقدرة الناخبين على اتّخاذ قرارات مدروسة.

 

رصدت بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات العديد من حالات التنسيق بين الصفحات أو الحسابات، كما تلاعب بالمحتوى وتضخيمه بوجه عام، ما شوّه المساحة المتاحة على الإنترنت وكان له تأثير في تكوين الناخبين لرأيهم. أظهرت المساحة المتاحة على الإنترنت بعض الإشارات التي تدل على تركيب الأخبار، وردّات فعل على أحداث حصلت خارج الإنترنت بدل تحديد شكلها. فضلاً عن ذلك، رصدت البعثة أشكالاً من التضخيم المفبرك (ما يسمى الجيش الالكتروني) على تويتر، من خلال حسابات تقوم بإعادة إرسال الخبر في تويتر بشكل ملحوظ، ومن خلال إطلاق الهاشتاغات.

 

 

 

مشاركة المرأة

 

إنّ انعدام التدابير المتّخذة من أجل تعزيز تمثيل المرأة في هيئات صناعة القرار هو مخالف لالتزامات لبنان الدوليّة.

 

تقليديًّا، كانت مشاركة المرأة في الحياة السياسيّة ضئيلة وأفادت العديد من المرشّحات بوجود عوائق ثقافيّة أو مالية أو سياسيّة تحول دون مشاركتهنّ. هناك 118 مرشّحة (16,4 بالمائة)، وهي زيادة بنسبة اثنين بالمائة مقارنةً مع الانتخابات السابقة. في حين هناك 18 امرأة مرشّحة ينتمين إلى أحزاب سياسيّة هناك فقط 7 منهنّ منتسبات إلى أحزاب سياسية و93 مستقلاّت. تمّ انتخاب ستّ نساء فقط في المجلس النيابي تبعًا لانتخابات العام 2018، راسخاً تصنيف لبنان بشكل ثابت في أدنى مرتبات التمثيل النيابي للمرأة في الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم (المرتبة 183 على 190).

لم يشمل مجلس النيابي اية تدابير ايجابية في الاطار القانوني من اجل الاسراع في المساواة بين المرأة والرجل وتشجيع تمثيل المرأة في هيئات صنع القرار وفق التزامات لبنان الدولية[4]

تلاحظ بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات أنّه لم يتم التوصّل إلى أي اتّفاق بين القوى السياسيّة الممثّلة في المجلس النيابي لشمل تدابير إيجابيّة في الإطار القانوني من أجل تشجيع تمثيل المرأة في هيئات صناعة القرار، وفقًا لالتزامات لبنان الدولية. لم يتم اتّخاذ أيّة خطوات، سواء من أجل معالجة النصوص القانونية التي تخصّ قانون الجنسيّة، والتي لا تزال لا تسمح للمرأة إعطاء جنسيّتها لأولادها، والنصوص المتعلقة بانتقال محل قيد اقتراعها الأوتوماتيكي عند الزواج إلى خانة سجل قيد زوجها.   

 

أبلغت النساء المرشّحات والصحافيين في جميع أنحاء البلاد بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات عن تهديدهنّ بشكل خطير وافقاد مصداقيتهن على الإنترنت. التقط مراقبو وسائل التواصل الاجتماعي التابعين للبعثة تعليقات مهينة تستهدف المرشّحات والصحفيّات، كما رصدوا تهديدات وشتائم ذات طابع جنسي، كما وتحريض على العنف.

 

مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة

 

 لا تزال ممارسة الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لحقوقهم السياسية من الناحية العمليّة غير مضمونة عملياً.

 

إنّ الإطار القانوني لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصّة محدودًا وينقصه التدابير التنفيذية، ويواجه ذوو الاحتياجات الخاصة عوائق معقّدة في تحقيق حقوقهم. لم يتم تطبيق القانون رقم 2020/2000 بشأن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، كما لم تصدر أيّة مراسيم وزاريّة أو قرارات أو تعاميم في السنوات الأخيرة. وكتطوّرات إيجابية، أجاز المجلس النيابي للحكومة في 29 آذار 2022 إمكانية مصادقتها على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري.

 

اتّخذت وزارة الداخليّة والبلديّات للمرة الأولى، قرار استخدام الطوابق الأرضية كمراكز للاقتراع في 103 مدارس حرصًا منها على تسهيل وصول ذوي الاحتياجات الخاصة. وفقًا لمراقبة بعثة الاتحاد الأوروبي، حتى لو 51% بالمائة من أقلام الاقتراع المراقبة كانت موجودة في الطابق الأرضي، هناك فقط 43% كانت متاحة للأشخاص من ذوي الحركة المحدودة ويمكن الوصول إليها. في ظل غياب أوراق اقتراع مكتوبة بطريقة برايل (braille)، لا يزال الناخبون ذوي الإعاقة البصريّة محدودي القدرة على الممارسة المستقلّة لحقهم بالاقتراع. لم يكن تثقيف الناخبين بلغة الإشارات كافيًا،[5] على الرّغم من أنّ كل الفيديوهات التي بلغ عددها 13 باستثناء فيديو واحد، وتم تشاركها من قبل هيئة الإشراف على الإنتخابات على الفيسبوك قد تمّ إضافة دبلجة لها بلغة الإشارات. في 14% من الاقلام التي تمت زيارتها، لاحظ مراقبو بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات حالات حمل الأشخاص ذوي حركة محدودة إلى قلم الاقتراع وعرض مساعدة غير مناسبة.

 

المراقبون المحليّون/المراقبة من المواطنين

 

يسمح الإطار القانوني بمراقبة الانتخابات وفقًا للمعايير الدولية، ولم يبلّغ المراقبون المحليّون عن أيّة قيود في سير عملهم.

 

ينص قانون الانتخاب على الشروط المفروضة على المراقبة المحليّة والدوليّة للانتخابات ويكرّس بشكل عام عملية المراقبة وفقًا لمعايير دولية. نشرت هيئة الإشراف على الإنتخابات، المسؤولة عن تسجيل اعتماد المراقبين، مبادئ وإجراءات مراقبة الانتخابات بالنسبة للانتخابات الحالية، كما هو منصوص عليه في القانون.[6] أبلغ المراقبون المحليّون عن عدم وجود صعوبات فيما يخص تسجيل اعتمادهم كما عدم وجود قيود على سير عملهم في الفترة الممتدّة حتى يوم الانتخابات.

 

اعتبارًا من آذار 2022، نشرت الجمعيّة اللبنانيّة من أجل ديمقراطيّة الانتخابات (LADE) 42 مراقبًا في الأجل الطويل من أجل مراقبة الحملات الانتخابية، بالإضافة إلى 1,000 مراقب في الأجل القصير من أجل يوم الانتخابات. أمّا الاتّحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًّا (LUPD) نشر 200 مراقبًا من أجل مراقبة إمكانيّة وصول هؤلاء الأشخاص إلى أقلام الاقتراع. أمّا بالنسبة إلى المراقبين الدوليين، غير بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، اعتمدت هيئة الإشراف على الانتخابات مراقبين من جامعة الدول العربية، والمعهد الديمقراطي الوطني (NDI)، والمنظّمة الدوليّة للفرانكوفونيّة (OIF).

 

تصويت المغتربين

 

على الرغم من انعدام الموارد البشريّة، كان سير العمليات اللوجستيّة جيّدًا، وعزّزت وزارة الشؤون الخارجيّة مستوى الشفافيّة.

 

كانت وزارة الخارجيّة والمغتربين مسؤولة عن تطبيق عملية اقتراع المغتربين، بالتنسيق مع وزارة الداخلية والبلديات. استطاع المواطنون اللبنانيّون أن يتسجّلوا من أجل التصويت في الخارج عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجيّة والمغتربين لغاية 20 تشرين الثاني، قبل أكثر من شهر على الدعوة إلى المشاركة في الانتخابات. وكان العدد النهائي للمقترعين 225,624، ما يعادل 5,68 بالمائة من العدد الإجمالي للناخبين المسجّلين. جرت الانتخابات في الخارج في 6 أيار في 10 بلدان من الشرق الأوسط، وبتاريخ 8 أيار في 48 بلدًا آخرًا.

 

نشرت بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات 16 فريقًا من المراقبين من 12 دولة تابعة للاتحاد الأوروبي وسويسرا.[7] لم يتم رصد أية مشاكل لوجستيّة ولم ينقص أقلام الاقتراع التي تمّت مراقبتها أي من المواد الأساسية. تمّ في الغالب اتّباع الإجراءات مع تسجيل تجاوزات بسيطة لم تؤثّر في العمليّة. تمّت ملاحظة طوابير طويلة من الناخبين حوالي وقت الظهر وبعد الظهر. كان مندوبو الأحزاب متواجدين في جميع أقلام الاقتراع الخاضعة للمراقبة، لاسيما من التيار الوطني الحر، والقوّات اللبنانية وحركة أمل، يرتدون ملابس تحمل شعارات الأحزاب وبحوزتهم محاضر لمراقبة حضور الناخبين. في باريس وبرلين، سُجّل قيام مندوبي الأحزاب بالضغط على الناخبين خارج مراكز الاقتراع عبر ترهيبهم أو اقتراح كيفية التصويت عليهم.

 

جهّزت وزارة الخارجية والمغتربين غرفة عمليات واستعانت بطلاّب من أجل مراقبة العملية، كانت هذه الغرفة تبثّ بشكل مباشر الوقائع من كل قلم اقتراع. وكان يتمّ الإبلاغ عن أية مشاكل مرصودة إلى موظّفي السلك الدبلوماسي، الذين يقومون تبعًا لذلك بالاتّصال بالسفارة المعنية في الخارج من أجل تسوية المسألة. قام المراقبون المحليّون أيضًا بمراقبة اقتراع المغتربين وعبّروا عن رضاهم عن استجابة وزارة الخارجيّة والمغتربين في التعاطي مع المسائل المبلّغ عنها.

 

بعد إقفال أقلام الاقتراع، تمّ توضيب ظروف الاقتراع في حقائب مختومة بالشمع الأحمر ومن ثم تمّ نقلها مع جهاز تعقب GPS  بواسطة شركة DHL، الشركة المتعاقد معها من أجل شحنها. بالنسبة لوزارة الخارجية والمغتربين وصلت كل الحقائب الى لبنان بحسب جدول المواعيد في 13 آيار. تمّ تخزينها في مصرف لبنان لغاية 15 أيّار حيث  تم َنقلها إلى قصر العدل في بيروت. تمّ فرز مغلفات الاقتراع بحسب الدوائر الصغرى، وتوزيعها، بعد عدة ساعات من ما كان مخطط. ادى ذلك الى تأخير في إدخال النتائج في البرنامج الإلكتروني للجدول العام للنتائج.

 

الاقتراع والفرز

 

شهد اليوم الانتخابي حالات من التوتّرات المحلية، وأداء ضعيف من قبل موظّفي أقلام الاقتراع وفي كثير من الأحيان تدخّلات من جهة مندوبي المرشّحين.

 

فتحت غالبية صناديق الاقتراع التي تمّت مراقبتها في الموعد المقرر لها. كان جو الشفافية الذي ساد عملية فتح أقلام الاقتراع جيّدًا واستطاع المراقبون بالإضافة إلى مندوبي المرشّحين مراقبة العمليّة من دون قيود. ولكن في 46 قلم اقتراع من أصل 73، لم يتم عد ظروف وأوراق الاقتراع المسلّمة إلى قلم الاقتراع قبل فتح صناديق الاقتراع، ما يشكّل خطأ إجرائيّا كبيرًا.

 

خلال اليوم الانتخابي، كان المناخ الانتخابي مختلفًا باختلاف المناطق. في حين وصف بالهادئ في معظم الأماكن، إلاّ أنّه تم تسجيل إشكالات من مراكز الاقتراع الشيعيّة (في بيروت الثانية وصور) والمناطق الشيعية (بعلبك-الهرمل، البقاع الغربي، زحلة، دائرة جبل لبنان الأولى). وكانت الأجهزة الأمنية والعسكرية متواجدة بأعداد كبيرة في مراكز الاقتراع في جميع أنحاء البلاد، ووصف معظم المراقبون عملهم بالعمل المُحترف. على امتداد اليوم الانتخابي، تمّ رصد إشكالات في محيط 14 بالمائة من أقلام الاقتراع، وكانت في الغالب عبارة عن أنشطة حملات انتخابية أو توزيع مواد دعائية. أما بالنسبة إلى الوضع داخل أقلام الاقتراع، هناك 12 بالمائة من أقلام الاقتراع التي كانت مكتظّة، وعانى 10 بالمائة منها من نقص في المواد الأساسية.

 

في 74 بالمائة من أقلام الاقتراع التي تمّت مراقبتها خلال سير عملية التصويت، كان هناك موظّفَين حاضرَين في قلم الاقتراع فقط، ولم يتم اختيار مساعدين بين الناخبين. كان مندوبو المرشّحين ممثّلين على نطاق واسع في قلم الاقتراع طيلة اليوم، ومعظمهم مندوبين للقوات اللبنانية، والمرشّحين المستقلّين، والتيّار الوطني الحر، وحزب الله، والكتائب، وحركة أمل، ومرشّحين من لوائح تمثّل القوى السياسيّة الجديدة. كان المراقبون من الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (LADE) حاضرين في 19 بالمائة من أقلام الاقتراع خلال عملية التصويت. وفقًا لجمعية LADE، تمّ تهديد 37 مراقبًا على الأقل وأحيانًا مضايقتهم من قبل مندوبي الأحزاب، وحدث ذلك في الغالب في دائرة قرى صيدا؛ أما في صيدا وبعلبك، فتمّ الاعتداء جسديًّا على مراقبي جمعيّة LADE.

 

كان واضحًا انعدام تدريب موظّفي أقلام الاقتراع من خلال أدائهم في اليوم الانتخابي نظرًا للأخطاء الإجرائيّة التي صدرت عنهم. إنّ انعدام التدريب، المقترن بالتواجد الكثيف لمندوبي المرشّحين، أدّى إلى حالاتٍ فقَد فيها موظّفو أقلام الاقتراع السيطرة التامة على العملية. كان مندوبو المرشّحين يراقبون حضور الناخبين إلى الأقلام ويسجّلون ذلك في اللوائح  الخاصة بهم وكان يساعدهم في ذلك موظّفو أقلام الاقتراع الذين كانوا يذكرون بصوتٍ عالٍ اسم كل ناخب. بشكل عام، لاحظت بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات حالات قام فيها مندوبو المرشّحين بالتدخل في سير عمل موظّفي أقلام الاقتراع أو بالتأثير على الناخبين في كل الدوائر الصغرى البالغ عددها 26. وتمّ رصد هكذا حالات في 15 بالمائة من أقلام الاقتراع.

 

لم تكن سرية الاقتراع دائمًا مضمونة. أفاد مراقبو بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات بأنّه في 12 بالمائة من أقلام الاقتراع، لم تحمِ ترتيبات أقلام الاقتراع بشكل كاف سريّة الاقتراع، وفي 14 بالمائة من أقلام الاقتراع، لم يؤشّر دائمًا الناخبون على أوراق الاقتراع بطريقة سرية.

 

أُقفلت معظم أقلام الاقتراع التي تمّت مراقبتها (57 من أصل 67) في الموعد المقرر، مع الحرص على أن يدلي الناخبون الذين ينتظرون في الصف الانتخابي بأصواتهم. في كفرشلان، الضنّيّة، سجّل مراقبو بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات عراك وشغب داخل قلم الاقتراع عجزت القوى الأمنية عن ضبطه. استطاع كل فرقاء مراقبي بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات من مراقبة عملية الإقفال والفرز من دون قيود باستثناء فريق واحد. وفي راشيا تمّ طرد فريق مراقبي بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات من مركز الاقتراع من قبل الجيش اللبناني ولم يسمح  لهم بالرجوع إلاَ بعد انتهاء عملية الفرز.

 كان هناك أخطاء تتعلّق بإجراءات الإقفال والفرز. مثلاً، في 15 قلم اقتراع لم يقم موظّفو أقلام الاقتراع بعدّ التواقيع على لوائح الشطب، وفي 10 حالات لم يتم إجراء أي تحقق من مطابقة عدد أوراق الاقتراع لعدد الناخبين الموقّعين على لوائح الشطب.  وفي تطوّر إيجابي، لاحظت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات فقط حالة واحدة لانقطاع التيار الكهربائي عرقلت عملية الإقفال والفرز.

 

 

هناك نسخة إلكترونية لهذا البيان الأوّلي متاحة على الموقع الإلكتروني للبعثة (lebanon2022.eueom.eu). لمزيد من المعلومات، الرجاء الاتصال بالملحق الصحفي لبعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، أليساندرو غوري، هاتف: +961 76979366، alessandro.gori@eueomlebanon2022.eu

 

  

بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات

أوتيل الموفنبيك، جادة الجنرال دي غول، الروشة، بيروت، لبنان

 

 

 

 


[1]  على المستوى الوطني، بلغ معدّل عدد الناخبين لكل مقعد 30,996 (3,967,507 ناخبين انتخبوا 128 مقعدًا)، ولكن هذه النسبة تراوحت بين 16,853 صوتًا في بيروت الأولى  و 46,866 صوتًا في الجنوب الثانية، ما يعني أنّ ثقل التصويت في بيروت الأولى هو ثلاث أضعاف ذلك الموجود في الجنوب الثانية.

[2]  غالبا ما كانت وزارة الداخلية والبلديات تنشر قرارات مهمة بعد عدّة أيام من اتّخاذها. على سبيل المثال، تمّ نشر تغيير مركز الاقتراع للمقترعين في الخارج فقط بعد يوم الانتخاب. كان ينقص المحافظين والقائمقامين معلومات أساسية، مثل الجدول الزمني للتحضيرات أو لوائح الشطب النهائيّة.  

[3]  مراقبة كميّة لأربع محطّات تلفزيونيّة يوميًّا من الساعة 18:00 حتى الساعة 24:00 (من 18 نيسان حتى 13 أيار):

تلفزيون لبنان (مؤسّسة حكوميّة)؛ الجديد، LBCI وMTV (مؤسسات خاصة). مراقبة نوعية لوسائل الإعلام: النهار (موقع إلكتروني إخباري)؛ ميغافون (وسيلة إعلامية إلكترونية)؛ صفحات الفيسبوك لمحطّتي تلفزيون تابعتين لأحزاب (قناة NBN، التابعة لحركة أمل؛ قناة OTV، التابعة للتيّار الوطني الحر)؛ الموقع الإلكتروني لمحطّة تلفزيونية تابعة لأحزاب (المنار، حزب الله).

[4]  صادق لبنان على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) في العام 1996، وهو بالتالي ملزم بالاستناد إلى المادة 7 باتّخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة وتعزيز المساواة بين الرجل والمرأة، من خلال "اتّخاذ الدول الأطراف  تدابير خاصة مؤقّتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة".

[5]  بناء على مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي من قبل بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات،  تشاركت هيئة الإشراف على الانتخابات سبع فيديوهات بين 1 آذار و28 نيسان. الفيديو الوحيد الذي لم يتم فيه إضافة دبلجة بلغة الإشارات هو الفيديو الذي تمّ  نشره في 8 آذار من أجل تشجيع مشاركة المرأة في الانتخابات.  

[6] القراران الصادران عن هيئة الإشراف على الانتخابات رقم 4 ورقم 5، المنشورين بتاريخ 25 كانون الثاني 2022.

[7]  تمّت مراقبة افتتاح وإقفال 16 قلم اقتراع، وتمّت مراقبة آلية الاقتراع في 62 قلم اقتراع خلال اليوم الانتخابي.

The referenced media source is missing and needs to be re-embedded.