كلمة السفير كريستيان بيرجر بمناسبة يوم أوروبا 2024

 

كلمة السفير كريستيان بيرجر بمناسبة يوم أوروبا 2024

أصحاب المعالي، السادة الوزراء، السادة المحافظون، السادة أعضاء البرلمان، السيدات و السادة، الأصدقاء الأعزاء

تحية طيبة لكم من القلب في يوم أوروبا، أهلا و سهلا بكم في اليوم الأوروبي،

في يوم التاسع من مايو، نتفكر  في كيفية استكمال إنجازاتنا، بل نفكر أيضا في كيفية حماية أمننا و رفاهتنا و نشرهما على الصعيد الداخلي و من خلال العمل مع شركائنا حول العالم.

لقد بدأت القصة بقرار أصدره وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان في عام 1950 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بخمسة أعوام و يوم واحد و بعد ألف سنة من الحروب و الأهوال في أنحاء القارة الأوروبية. و كانت الرسالة واضحة حملت في سطورها أننا قد نلنا كفايتنا من الحروب، بل أيضا أن الأمر لن يكون هيناً و أن الرحلة ستستغرق وقتاً، و ثقةً، و تعاوناً. 

و يحتفل الاتحاد الأوروبي هذا الشهر بالذكرى العشرين لعملية التوسع التي بدأت في 2004، إذ انضمت قبرص، و التشيك، و إستونيا، و المجر، و لاتفيا، و ليتوانيا، و مالطا، و بولندا، و سلوفاكيا، و سلوفينيا للاتحاد الأوروبي في الأول من مايو لعام 2004. و  بانضمام بلغاريا، و رومانيا، و كرواتيا تباعاً، تمتع ما يقارب من 450 مليون مواطن أوروبي بالمساواة في الحقوق، و اتساع نطاق حرية الحركة و التنقل، و اقتصادات أقوى.

و للأسف، شهد العام الماضي استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، بل شهد أيضاً اندلاع صراعات جديدة في منطقة الجوار القريب من صديقتنا و شريكتنا مصر، و ذلك في السودان و قطاع غزة.

وبهذا، نجد أنه كلما غض العالم الطرف عن القواعد، كلما زاد تفتتاً، فيزداد الاستقطاب و تتقلص التعددية. علاوة على إساءة استغلال اعتماديات البلاد على بعضها البعض، إذ أصبحت السلع الأساسية مثل الغذاء،و الماء، و الدواء أسلحة تشهرها الدول في وجه بعضها البعض.

فقد اتسعت حالياً رقعة المواجهات و انحسرت رقعة التعاون.

إلا أن العلاقات الأوروبية-المصرية استثناء إيجابي من هذه الأحداث. إذا زاد حجم التعاون و سلكت مساراً راسخاً تصاعدياً. فوقعنا "اتفاقية الشراكة الشاملة و الاستراتيجية" في مارس، و حددنا مجالات تعزيز التعاون استناداً إلى قيم المساواة، و الاحترام المتبادل، و الثقة.

و على صعيد العلاقات السياسية، سنواصل تعزيز تعاوننا في وجه التحديات الإقليمية و الدولية. و الحرب في غزة أولوية أولى بالنسبة لنا. و كما قال السيد بوريل مؤخراً، "علينا أن نفهم الجميع أنه لا يوجد حل عسكري؛ فعلينا تقديم حل أفضل. و مصر و الاتحاد الأوروبي يتفقان على أن هذا يجب أن يكون متمثلا في حل الدولتين، على ألا تكون هذه نقطة البداية لعملية لا تنتهي، بل يجب أن تكون هذه المرحلة النهائية. لكن علينا أولا أن ننهي المعاناة في غزة. و هذا يتطلب وقفا دائما لإطلاق النار و إطلاق سراح كافة الرهائن، و دخول كل المساعدات الإنسانية دون أي قيود. و هذا هو الهدف من جهود وساطة مصر و  أطراف أخرى و التي يدعمها الاتحاد الأوروبي دعماً تاماً، إذ أن أي عملية برية في رفح ستكون عواقبها كارثية و غير محمودة.

و ستواصل مصر و الاتحاد الأوروبي العمل على الوفاء بالتزاماتنا لتعزيز الديمقراطية، و الحريات الأساسية، و حقوق الإنسان، و المساواة بين الجنسين، و تكافؤ الفرص.

و فيما يخص الاستقرار الاقتصادي، و الاستثمار، و التجارة، يدعم الاتحاد الأوروبي جدول أعمال التنمية 2030 الذي صاغته مصر لضمان استقرار الاقتصاد الكلي على المدى البعيد و النمو الاقتصادي المستدام.لذا، سننظم مؤتمرا للاستثمار لإحضار المزيد من الشركات الأوروبية لمصر و لتعزيز التعاون لإطلاق العنان لكل القدرات الكامنة في اتفاقيتنا للتجارة الحرة.

كما سنتوسع في تعاوننا بشأن قضايا المياه على أساس الإعلان المشترك بشأن شراكة المياه الأوروبية-المصرية الموقع في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في دورته الثامنة و العشرين. فإننا نعي تماما اعتماد مصر الكبير على نهر النيل و نؤكد على دعمنا لأمن مصر المائي و احترام القانون الدولي.

كما أننا سنقر نهجا شاملاً للهجرة و الحراك بناء على مباديء الشراكة، و المسؤولية المشتركة، و المشاركة في التخفيف من الأعباء.

و لعل أهم جزء في تعاوننا المعزز هو تنمية رأس المال البشري من خلال التدريب، و التعليم، و البحث، و التعاون العلمي.

فقد ارتقى التعاون و العلاقات الأوروبية-المصرية لمستوى جديد، و آمل من كل قلبي، أن نرى نتائج واضحة و ملموسة في يوم أوروبا بالعام القادم، آملاً أن نكون في عالمٍ يعمه سلام أكبر.

و بما أن هذه، على الأرجح، هي آخر كلمة ألقيها في يوم أوروبا بالقاهرة، اسمحوا لي أن ألقي لمحة سريعة على السنوات الأربعة الأخيرة التي شهدت تطورا ملحوظا في العلاقات الأوروبية-المصرية، بدء من العديد من الزيارات على أرفع مستوى و مروراً باجتماعات لا حصر لها بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي و الحكومة، و ارتفاع معدل التجارة و الاستثمار، و الاتفاقات المبرمة بشأن الطاقة، و المياه، و الهيدروجين، و المشاركة في رئاسة العديد من الندوات الدولية، و إبرام اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة و الاستراتيجية، وصولاً إلى فتح الطريق لمشاركة مصر في أكبر برنامج بحثي عالمي و فتح أكبر حافظة ببنك الاستثمار الأوروبي خارج أوروبا. و كل هذه الإنجاز ما كان ليحدث لولا تفاني فريق عمل وفد الاتحاد الأوروبي و تعاون و دعم سفارات دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء، و التعاون الوثيق مع شركائنا في الأجهزة الحكومية و البرلمان في كل المحافظات، و تعاون منظمات المجتمع المدني، و أسرة الأمم المتحدة، و المؤسسات المالية العالمية، و عالم الأعمال، و الإعلام.

فأقدم لكم جميعاً أسمى آيات الشكر و العرفان.

و أطيب الأماني في يوم أوروبا لعام 2024.