THIS CONTENT HAS BEEN ARCHIVED

البيان الافتتاحي للمُمَثِلة الأعلى فيدريكا موغريني في مؤتمر بروكسل الثاني - دعم مستقبل سوريا والمنطقة

30.04.2018
Teaser

Opening statement by High Representative/Vice-President Federica Mogherini at the Second Brussels Conference "Supporting the Future of Syria and the Region"

Text

البيان الافتتاحي للمُمَثِلة الأعلى فيدريكا موغريني في مؤتمر بروكسل الثاني "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"

بروكسل 25 نيسان/ ابريل 2018

أصحاب المعالي، الزملاء، والأصدقاء الأعزاء

الفتاة الصغيرة في الفيديو، فَرَح، هي أصغر عُمراً من الحرب في سوريا، حتى أنها لا تستطيع أن تتذكر ما هو شكل السلام، لأنها لم ترى أبداً دولةً في حالةً من السلام، إلا أنني أعتقد أن ابتسامتها وأشعارها مُعدية. إن فَرَح تُذَكِرُنا لماذا نحن هُنا اليوم في بروكسل ونريد أن نبدأ يومنا بكلماتها وابتسامتها.    

نحن هنا من أجلها، نحن هنا من أجل السوريين، ونحن هُنا من أجل الناس، جميع الناس في سوريا. نُريد لِفَرَح أن تعرف أنها تستطيع أن تكون أي شيء تُريد أن تكونه في حياتها، نحن هنا اليوم لنقول لها أن الحرب ستنتهي، ونأخذ على عاتقنا هذا الالتزام بأن نقول لها بأنها لن تبقى لاجئة إلى الأبد وأن هويتها لا تُحدد فقط من خلال وضعها كلاجئة – إنما هي فتاة وأنها ستكون امرأة وأن باستطاعتها أن تكون معلمة وشاعرة وأن تسير خلف أحلامها. حُلُم فرح هو حُلمٌ حي وهذا أهم شيء بفضل الجهود الجبارة للرجال والنساء العاملين في مخيم الزعتري للاجئين حيث تُقيم فرح. إنني أعرف بعض الأماكن التي تم تصوير الفيديو فيها.  

الحُلم حيُ بفضل الضيافة الأردنية وجميع الدول مثل لبنان وتركيا التي تستضيف ملايين السوريين. الحلمُ حيٌ بفضل للناس الذين يعيشون في المجتمعات التي تستضيفهم، الحلمُ حيً بفضل الأمم المتحدة وعملها الذي لا يعرف التعب ولا الكلل، وبفضل الدعم المادي الذي نجحنا نحن المجتمع الدولي في حشده خلال سبع سنوات من الحرب.    

لقد تم حشد حوالي أحد عشر مليار يورو من الاتحاد الأوروبي وحده خلال هذه السنوات. لقد التزمنا خلال العام الماضي في مؤتمر بروكسل الأول بزيادة دعمنا للسوريين داخل وخارج سوريا، وأستطيع أن أعلن اليوم أننا لم نَقُم فَقَط بتحقيق التزاماتنا للعام الماضي، وإنما عملنا معاً كمجتمع دولي على تخطي التزامنا للعام الماضي بما نسبته 25 بالمائة، كما أننا استطعنا أن نُقدم في سوريا أكثر من ضعفي المبلغ الذي التزمنا به في الأصل.

دعوني أيضاً أُعلن اليوم عن أن الاتحاد الأوروبي سيؤكد على تقديم نفس المساهمة خلال العام القادم كتلك المساهمة التي قدمها العام الماضي وأننا نهدف إلى الحفاظ على نفس المستوى من المساهمة حتى عام 2020 – أي 560 مليون يورو من دعمنا في الاتحاد الأوروبي إلى السوريين في الأردن ولبنان وداخل سوريا وللمجتمعات المُضيفة. أما بالنسبة للسوريين في تركيا فإن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء سيحافظون على التزامهم وحشد ثلاثة مليار يورو إضافية خلال العامين القادمين.

إلا أن العمل يستمر اليوم في مؤتمر بروكسل الثاني من أجل دعم مستقبل سوريا والمنطقة حتى نُثبت لأصدقائنا السوريين أننا لا نزال معهم وأننا لا ننسى أن الحرب لا زالت مشتعلة وأنهم بحاجة على مساعدتنا، وأننا معهم وأننا مع كل فَرَح تأمل وتؤمن في مستقبل أفضل وفي حياة طبيعية. ولكي نعطي فَرَح وكل أصدقائها وأبويها حياة طبيعية فإن الالتزامات المالية، نعم الالتزامات المالية، أمر ضروري وأننا هنا من أجل ذلك – إلا أن ذلك لا يكفي. علينا أن نضع نهاية للحرب في سوريا – وهذا ما سيجعل حياتها طبيعية.  

إنني متأكدة من أن معظمكم يتذكر مؤتمر العام الماضي، تِلك الأيام الدرامية، التقينا مباشرة بعد الهجوم بالأسلحة الكيميائية، في لحظة حرجة وحساسة. لا أدري كيف تشعرون حيال ذلك إلى أن مشاعري الشخصية هي أننا عالقون في دائرة عنف تُكرر نفسها مرة تلو الأخرى. إن غايتنا المُشتركة هي أن نكسر دائرة العنف هذه ودائرة التصعيد – ونحن نعلم أن هنالك طريقة واحدة فقط لعمل ذلك. دعوني أقول أنني أومن بأن الدول في المنطقة، الدول التي تُجاور سوريا، تعرف ذلك أفضل من أي شخص آخر.  

يأتي الحل لهذه الحرب فقط من خلال محادثات سياسية هادفة بين الأطراف السورية ضمن إشراف الأمم المتحدة. الحل فقط من خلال مفاوضات سياسية. علينا أن نُعيد محادثات جنيف، وينبغي أن يعود مشروع تشكيل لجنة دستورية بقيادة سورية تحت قيادة الأمم المتحدة في جنيف إلى الواقع وكخطوة عاجلة. سوف نستمع اليوم إلى ستِفان دِ مِستورا (Staffan de Mistura) مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا كما آمل أن نُقَدِم له المزيد من الدعم لكي يتمكن من تقديم المزيد من العمل.

نحن نُؤمن بالعدالة الانتقالية، كما يجب أن تكون عودة السوريين إلى بلدهم جزءً من الصورة، ونحن بحاجة إلى أن نرى تَقَدُماً يتحقق على صعيد المُعتقلين والأشخاص المفقودين. اقترحت الأمم المتحدة تشكيل أمانة عامة دائمة حول هذه القضية لدعم مجموعة العمل التي شكلتها محادثات أستانة، وهذا شيء ينبغي أن نعمل من أجله لكي يتمكن مراقبين مستقلين من دخول كافة المعتقلات وإلقاء الضوء على حالات الاختفاء القصري.

العملية السياسية، وهي الطريق إلى السلام والمصالحة، ليست سهلة، نحن لسنا بِسُذَّج، نحن نُدرك ذلك جيداً، إلا أن الإيمان بما هو صحيح لا يعني أن يكون الإنسان ساذجاً وإنما يعني المساهمة في الوصول إلى الحل. نحن نؤمن بأن العملية السياسية هي الطريق الواقعي الوحيد للوصول إلى سلام مستدام وإلى سوريا متحدة حرة ديمقراطية وشاملة لكل السوريين.

ربما تقود الحرب إلى انتصار عسكري، ولكن هل تؤدي إلى تحقيق السلام؟ يُشارك في اجتماعنا اليوم أكثر من ثمانين وفداً من كافة أرجاء العالم، من المنطقة ومن مؤسسات دولية. أود أن أشكركم جميعاً على وجودكم هنا، نحن لسنا بحاجة إلى أن تكون لدينا نفس الآراء حول كافة الأمور، ونحن نُدرك ذلك جيداً. ولكني أومن بأن هنالك إمكانية للعمل معاً على أمرين هما حشد المُساعدة والدعم المالي الذي يُتيح المجال لِفَرَح أن تدرس وأن تبقى على قيد الحياة، ولكن أيضاً من أجل أن نعمل معاً لِجَمع الأطراف السورية حول طاولة مفاوضات واقعية. نحتاج إلى تعمل الحكومة والمعارضة بشكل جاد ضمن محادثات تقودها الأمم المتحدة، كما أومن أننا معاً لدينا القدرة على تحقيق ذلك إذا ما قررنا أن نقوم به.

 دعونا نَستثمر كافة مصادرنا من أجل الانتقال من سياق التصعيدات التي لا تنتهي إلى مفاوضات سياسية ناجحة، دعونا نُحاول معاً أن نحقق السلام أو أن نَدَع السوريون يحققون السلام، لأن سوريا ليست طاولة شطرنج للألعاب الجِيُوبُولِيتِكِيّة (جغرافي سياسي) - لأنها تعود إلى مواطنيها، جميع مواطنيها دون استثناء.

سوف نستمع لاحقاً اليوم إلى بعض ممثلي المجتمع المدني السوري، وهم موجودون معنا هنا، حيث اجتمعوا أمس مع ستِفان دِ مِستورا. لقد جاؤوا إلى بروكسل من سوريا ومن باقي المنطقة، لهم خلفيات اجتماعية مختلفة وأفكار مختلفة وتاريخ شخصي مختلف. إلا أنني لاحظت أن لهم جميعاً عاملاً مُشتركاً.

أولاً، أتمنى على الذين سيجلسون على طاولة المفاوضات أن يتحلوا بالقدرة على التفاهم والاستماع للآخرين والقدرة على الوصول إلى تسوية. فهم جميعاً يريدون سوريا موحدة مستقلة وسلمية وآمنة وشاملة وحقاً ديمُقراطية. وهم كجميع السوريون يريدون أن يضعوا حاضر ومستقبل بلدهم بين أيديهم. دعوني أُنهي بقولي أننا اليوم نَدَعَهُم ونُساعِدَهُم في تحقيق ذلك وآمل أن نستفيد من هذه الفرصة.

شكراً لكم جميعاً، ويشرفني أن الاتحاد الأوروبي يُشارك في ترؤس مؤتمر بروكسل الثاني هذا مع الأمم المتحدة، لِنُبَلِغَكم رسالة من أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس (António Guterres) وهذه الرسالة تُخاطبنا جميعاً.

الفئة
Statements by the HR/VP
Location

بروكسل

Editorial sections
سوريا