التعليم في خطر: كيف يحمي دعم الاتحاد الأوروبي حق الأطفال السودانيين في التعلم

تسببت الحرب في السودان في آثار كارثية على قطاع التعليم. والآن، في عامها الثالث، أجبرت أكثر من 10,400 مدرسة على الإغلاق، مما ترك أكثر من 90٪ من الأطفال في سن المدرسة محرومين من التعليم الرسمي وجعل السودان موطناً لأسوأ أزمة تعليم في العالم.

و قد أدى توجه الأسر النازحة نحو الولايات الآمنة إلى تحديات كبيرة للقائمين على قطاع التعليم  حيث تسبب في ضغط هائل على المدارس والموارد المتوفرة . توضح أستاذة إيمان فرح، مديرة الادارة المتوسطة لمحلية عطبرة قائلة ،

استقبلنا ما يقرب من 26,000 طالب نازح من ولايات أخرى. الفصل الدراسي الذي كان يضم 70 إلى 80 طالبا يستوعب الآن 150 إلى 180الحمدلله تعمل مدارسنا الآن في فترتين للتأقلم. 

التكيف مع الواقع  الجديد

في يونيو 2021 استثمر الاتحاد الأوروبي 13.1 مليون يورو في برنامج "تحسين جودة التعليم - المرحلة 2" لتعزيز قطاع التعليم السوداني وتحسين جودة التدريس. بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023، تم تكييف البرنامج بسرعة لتلبية الاحتياجات الملحة للأطفال المعرضين للخطر مع الاستمرار في دعم  احتياجات القطاع التنموية طويلة الأجل. نجح البرنامج في تدريب مئات المعلمين ومسؤولي التعليم، وتمكين آلاف الأطفال السودانيين المتواجدين في السودان والدول المجاورة من تلقي تعليم جيد. 

في العاصمة الخرطوم، تم تدمير المركز الوطني لتدريب المعلمين الذي كان في يوم من الأيام مركزا مزدهرا لتطوير المعلمين. أجبرت الحرب الموظفون على النزوح  إلى مدن مختلفة في جميع أنحاء البلاد. لحسن الحظ ، بدعم وتدريب من منظمة جنجر سوفريكو تمكنت الإدارة من نقل المركز إلى عطبرة . سمحت لهم هذه الخطوة باستئناف عملهم الحيوي لدعم المعلمين خلال هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها قطاع التعليم.

أخبرتنا عفاف علي، مدربة من المركز الوطني للتدريب قائلة : "ساعد التدريب الذي تلقيناه من جنجر سوفريكو على إدارة الجلسات عبر الإنترنت على استمرار عمل المعلمين حتى أثناء الحرب،.فقد تمكنا من إجراء ورش عمل فعالة للتواصل مع جميع أصحاب المصلحة في قطاع التعليم من جميع أنحاء السودان، حتى ولايات دارفور والنيل الأبيض والنيل الأزرق، لجمع المعلومات حول الوضع على الأرض ووضع خطة استراتيجية يمكن أن تدفع عملية التعليم إلى الأمام خلال الحرب".

Video file

ما وراء الحدود: دعم اللاجئين السودانيين في البلدان المجاورة 

وقد مكن تمويل الاتحاد الأوروبي  الشركاء الرئيسيين فى منظمة اليونيسف و جنجر سوفريكو والوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدولية، المعلمين ومسؤولي التعليم في السودان من التغلب على تحديات لم يتعرضوا لها من قبل . حيث تم توفير  المواد التعليمية من خلال البرنامج بالاضافة الى مساحات التعلم الآمنة والتدريب المناسب  للمعلمين، لا سيما في "التعليم في حالات الطوارئ" - وهو نهج متخصص يجهز المعلمين لتوفير تعليم جيد حتى في البيئات غير المستقرة. امتد دعم الاتحاد الأوروبي إلى ما وراء الحدود السودانية ليشمل مراكز التعلم التي تستهدف أطفال العائلات السودانية التي لجأت إلى مصر وتشاد وإثيوبيا، مما يستفيد منه آلاف الأطفال الذين يتمتعون الآن بتعليم جيد.

في مصر، التقينا بمازن  عثمان البالغ من العمر اثني عشر عاما في أحد مراكز التعلم المجتمعي البالغ عددها 40 مركزا مدعوما في مصر. عائلته هي واحدة من الملايين الذين لجأوا إلى مصر بعد فرارهم من الحرب في السودان.  يقول بابتسامة: "أنا سعيد لوجودي في المدرسة. في المستقبل ، أتمنى أن أصبح طبيباً حتى أتمكن من المساعدة في علاج الناس."

Video file

تلقت معلمة مازن، الاستاذة إخلاص يحيى تدريبا متخصصا من خلال البرنامج لتكون قادرة على تلبية احتياجات الأطفال اللاجئين في المدارس - التي غالبا ما تكون غير مرئية - بشكل أفضل. وشاركت الأستاذة إخلاص التدريب الذي تلقته مع أساتذة آخرين في المركز لتعم الفائدة:  "نحن نسعى جاهدين لرعايتهم وتوجيههم ومنحهم الأمل." وتقول معترفة بالصدمة التي تحملها العديد من طلابها، "آمل أن يزدهروا جميعا في المستقبل وأن يصبحوا الجيل الصاعد الذي سيبني لنا السودان الجديد".

Video file

التعليم حق وليس هبة ، وهو يوفر للأطفال إحساسا مهماً بالحياة الطبيعية والاستقرار والأمل.  أزمة آلاف الأطفال السودانيين اليوم تعد واحدة من أشد أزمات التعليم في العالم. مازال أطفال السودان يدفعون ثمناً باهظاً لهذه الحرب.