تحدي عقوبة الإعدام إنما هو دفاع عن حقوق الإنسان

10.10.2020

يكتسي إلغاء عقوبة الإعدام أولوية بارزة  في سياق النضال الذي يخوضه الاتحاد الأوربي من أجل تنفيذ حقوق الإنسان واحترامها. وإذ نحتفي باليوم الأوروبي والعالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، فإننا نؤكد مجددا موقفنا القوي المناهض لعقوبة الإعدام.

ومن المعلوم أن عدة بلدان عبر العالم لازالت تصدر أحكاماً بالإعدام ، علما أن هذه العقوبة تحط من الكرامة الإنسانية وتنتهك الحق في الحياة باعتباره حقا من حقوق الإنسان. ومن ثم، يواصل الاتحاد الأوروبي التعبيرعن معارضته القوية لعقوبة الإعدام  باعتبارها عقوبة قاسية ولاإنسانية ومهينة ، و يعتبر إلغائها أمراً أساسيا في سياق التطور التدريجي لحقوق الإنسان.

ويمكننا القول إننا نقترب من إلغاء هذه العقوبة أكثر من أي وقت مضى، حيث ازداد عدد البلدان التي اقتنعت أن عقوبة الإعدام ليست خياراً معقولا لتحقيق العدالة. فمن أصل 193 دولة عضوا  في الأمم المتحدة، لم تنفذ 162 دولة عقوبة الإعدام خلال السنوات العشر الأخيرة على أقل تقدير وقامت 112 منها بإلغائها قانونيا. ولأول مرة على مدى عقد تقريبا، شهدت منطقة آسيا والمحيط الهادي تراجعا في عدد البلدان التي تنفذ عقوبة الإعدام حيث لم تقم بتنفيذها سوى سبعة بلدان سنة 2019.

ومن أصل 54 دولة عضو في الاتحاد الإفريقي، لم تنفذ 47 منها عقوبة الإعدام على الأشخاص المحكوم عليهم بها خلال السنوات العشر الأخيرة أو أكثر ، كما ألغت 22 دولة عضوا عقوبة الإعدام قانونيا. وخلال السنتين الأخيرتين، لم يتم تنفيذ هذه العقوبة إلا في خمس دول إفريقية وهي مصر والصومال وبوتسوانا والسودان وجنوب السودان.

وفي هذا الصدد، قام كل من الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا بتوحيد جهودهما ورحبا  في بيان مشترك لهما :" بالتراجع المستمر في تنفيذ عقوبة الإعدام"، وأبرزا أن "هذ التراجع  يدل على التوجه العام نحو إلغائها على الصعيد العالمي. وذكر البيان أنه "في عام 2019 وللمرة الثانية على التوالي، لم تُنفّذ عقوبة الإعدام إلا في عشرين بلداً عبر العالم. وهذا انخفاض تاريخي إلا أنه لا يزال بعيدا عن ما نصبو إليه من إلغاء هذه العقوبة بشكل نهائي. "

هذه الحقيقة المُرة لازالت قائمة. فعلى سبيل المثال، أعدمت المملكة العربية السعودية عددا قياسيا من الأشخاص عام 2019 .

وقد خصص التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام هذه السنة لموضوع الحق في تمثيل قانوني فعال. إلا أن العراقيل المالية غالبا ما تشكل عقبة أمام الأشخاص الأكثر ضعفا مما يضعهم  في مواقف صعبة لا تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم بشكل فعال. ومن ثم، فإن الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا يدعوان إلى احترام حق التمثيل حيث أكدا أن: " منظومات العدالة يجب أن تتيح الموارد الضرورية لتحضير دفاع فعال بما في ذلك تقديم خدمات الترجمة التحريرية والفورية المناسبة إن اقتضى الحال".

Remote video URL

 

 البلدان التي ألغت عقوبة الإعدام تؤكد أن هذه العقوبة لا تمنع من ارتكاب الجرائم  ولا تساهم في تحقيق مجتمع أكثر أماناً. بل على العكس من ذلك، فإن القتل كطريقة للعقاب يساهم في استمرار دوامة العنف الذي لا معنى له.

https://twitter.com/JosepBorrellF/status/1182203259534086144

 

إن عقوبة الإعدام تتنافى مع هوية الأوروبيين ومع القضايا التي يدافعون عنها. ومن المهم أن نتذكر دائما أن احترام حياة الإنسان جزء من قيم الاتحاد الأوروبي الأساسية.

أولا، يعتبر إلغاء عقوبة الإعدام شرطا مسبقا للعضوية في الاتحاد الأوروبي.

ثانيا، موقف الاتحاد الأوروبي من عقوبة الإعدام قوي ولا لبس فيه، بل يعتبر الاتحاد الأوروبي الفاعل الدولي الرائد في مناهضة هذه العقوبة. ففي عام 2013، اعتمد المجلس المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي بشان عقوبة الإعدام التي تبرز التزام الاتحاد بإلغائها.

وتم مؤخرا اعتماد وثيقة مشتركة تضم خطة عمل الاتحاد الأوروبي بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية 2020-2024 من قبل المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى حيث يأتي إلغاء عقوبة الإعدام كنقطة أولية. في ذلك اليوم، قال السيد جوزيب بوريل، الممثل الأعلى/ نائب الرئيس: " نقترح اليوم خطة طموحة للدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية عبر العالم من خلال تسخير كل مواردنا على نحو أسرع وأكثر فعالية".

https://twitter.com/JosepBorrellF/status/1242790846040281088

ثالثا، يرافع الاتحاد الأوروبي  من أجل مقاربة مشتركة لحماية حقوق الإنسان. و يجب التذكير أن العمل الذي تم القيام به على مستوى الأمم المتحدة وخاصة من خلال اعتماد قرار الجمعية العامة سنة 2007 الداعي إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام كان إنجازا أساسيا في الوقت الذي يشير فيه تزايد الدعم الذي تحظى به قرارات مماثلة كل سنتين إلى توجه العالم بأسره نحو إلغاء هذه العقوبة.

وفي السياق نفسه،  يتعاون الاتحاد الأوروبي مع المنظمات غير الحكومية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام وتقديم الدعم الضروري لها بما في ذلك الدعم المالي.

وبمعية مجلس أوروبا، حث الاتحاد الأوروبي روسيا البيضاء ، البلد الأوروبي الوحيد الذي لايزال ينفذ عقوبة الإعدام، إلى إلغائها بشكل نهائي و"الالتحاق بالأغلبية الواسعة للأمم التي تخلت بشكل نهائي عن هذه الممارسة القاسية واللاإنسانية".

إن مناصرة إلغاء عقوبة الإعدام ليس هدفه التساهل مع مرتكبي الجرائم بل رفض لعقوبة  قاسية ولاإنسانية. وسيواصل الاتحاد الأوروبي بقوة التعبير عن هذا الموقف ودعم كل من يدافع عنه عبر العالم.