THIS CONTENT HAS BEEN ARCHIVED

كلمة السفيرة كريستينا لاسن في مؤتمر "إعادة بناء الصحة بعد النزاع: حوار من أجل المستقبل"

08.12.2016
Teaser

يسعى الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى دعم تعزيز أنظمة صحية شاملة في الدول غير الأعضاء.

Text

معالي وزير الخارجية الفرنسية السابق، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في كوسوفو، ووزير الصحة السابق وأحد مؤسسي أطباء بلا حدود وأطباء العالم الدكتور برنار كوشنير،

حضرة رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري،

حضرة المدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار،

سعادة النواب،

حضرة السيدات والسادة،

يسعدني جداً أن أكون هنا اليوم في حفل افتتاح هذا المؤتمر حول إعادة بناء الصحة بعد النزاع.

نرحب جميعاً بهذه المبادرة لأنها تهدف إلى إيجاد حوار علمي وعملياتي يمكن أن تتعاون فيه جهات فاعلة مختلفة لإيجاد إجابات مناسبة على تحدي تطوير أنظمة صحية مستجيبة ومستدامة في فترة ما بعد النزاع في المنطقة.

تكمن إحدى الإجابات في تعزيز قدرة التخطيط ورأس المال البشري، فضلاً عن تحسين البنى التحتية للقطاع الصحي. ويجب أن يبقى هذا أولوية دائمة حتى قبل أن تهدأ النزاعات.

إنّ بناء أنظمة صحية قادرة على التكيف ضرورة عالمية، لأن هذا لا يشكل فحسب أفضل طريقة لضمان عدم تحول توقف هذه الأنظمة عن العمل إلى كوارث، بل إن الاستثمار في الأنظمة الصحية القادرة على التكيف يحقق أيضاً منافع كبيرة في أوقات السلم، على غرار الرعاية الصحية الروتينية والإنتاجية الاقتصادية الأفضل.

يسعى الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى دعم تعزيز أنظمة صحية شاملة في الدول غير الأعضاء. وبما أن هذه الدول وحكوماتها تتحمل المسؤولية الأولية عن مواجهة هذه التحديات الصحية، فإنّ هذا قد يتطلب تعزيز قدراتها لوضع وتنظيم وتنفيذ ورصد سياسات واستراتيجيات صحية وطنية فاعلة. لذلك يسعى الاتحاد الأوروبي إلى ضمان الوصول الأمثل إلى الخدمات الصحية للسكان في سياقات هشة، وفي وضعيات طوارئ و/أو إنسانية، وعند تطبيق عمليات سلام وإرساء استقرار.

وبالحديث عن الصحة ما بعد النزاع اليوم وفي هذه المنطقة، أعتقد بأننا نميل جميعاً إلى التفكير بصورة أولية في سوريا، أي جارتنا التي تبعد عن هنا مسافة أقل من ساعة في السيارة. وتصلنا بصورة شبه يومية تقارير وصور مروعة تظهر الدمار الذي أصاب المؤسسات الصحية وقتل العاملين الطبيين، مما يجعلنا ندرك التحديات الكبيرة التي نواجهها ليس فقط اليوم، وإنما أيضاً ما إن يتم إيجاد حل سياسي للنزاع السوري. 

قبل بداية النزاع السوري، كان الاتحاد الأوروبي يؤدي دوراً فاعلاً في القطاع الصحي السوري من خلال تقديم المساعدات لإصلاحه وبناء قدراته. ومن خلال برنامج بقيمة 39 مليون يورو، ساهمنا في وضع استراتيجية صحية وطنية. وترافق هذا مع قرض من البنك الأوروبي للاستثمار (100 مليون يورو في عام 2004) لإعادة إعمار 18 مستشفى في مختلف أنحاء سوريا وتجهيزها وتشغيلها. ولسوء الحظ، دمر النزاع الإنجازات الماضية الملفتة على صعيد الموارد البشرية والبنى التحتية الشاملة.

وداخل سوريا، يستمر الاتحاد الأوروبي في التركيز على تعزيز جودة الخدمات وتوسيع نطاقها لتغطية جميع من هم في حاجة إليها. ويتم إيلاء اهتمام خاص لجوانب الإعاقة، وقد شمل هذا حوالي مليون شخص. لذلك، خصص الاتحاد الأوروبي في عام 2016 حوالي 20 مليون يورو لإعادة تأهيل القطاع الصحي في جميع أنحاء سوريا، من خلال مقاربة برمجة إنسانية وتنموية مشتركة مع زملائنا العاملين في المجال الإنساني (مديرية المساعدات الإنسانية والحماية المدنية التابعة للمفوضية الأوروبية إيكو في سوريا).

لكن إذا قربنا المسافات، يبدو جلياً بأن لبنان قد واجه تحدياته الخاصة بالنسبة إلى الصحة ما بعد النزاع بعد الحرب الأهلية. والآن مجدداً مع وجود أزمة قريبة منه واستقباله أكثر من مليون لاجئ سوري، واجه القطاع الصحي اللبناني – خصوصاً المنظومة الصحية الحكومية – تحديات جديدة. لذلك، ومنذ بداية الأزمة السورية، كان الاتحاد الأوروبي الجهة المانحة الرئيسية للقطاع الصحي في لبنان.

 

دعم الاتحاد الأوروبي للقطاع الصحي في لبنان

دعوني أكون صريحة معكم: قبل الأزمة السورية، لم يكن الاتحاد الأوروبي يساهم في القطاع الصحي اللبناني. لكن هذا الأمر قد تبدل مع الأزمة السورية. وأعتقد بأنه من العدل القول إن تعاوننا في هذا القطاع ومع وزارة الصحة العامة قد ولّدته أزمة ولكن الأمر تحول إلى مسألة إيجابية عادت بالفائدة على جزء كبير من المنظومة الصحية اللبنانية. وخلال العامين الماضيين، حققنا معاً نتائج فائقة ولكن الأهم هو أننا نعتقد بأننا ساهمنا في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وأثبتنا قدرتنا على بناء الثقة بين القطاع العام والمواطنين الذين يحتاجون إلى خدمات عامة جيدة.

يشكل دعم الاتحاد الأوروبي استجابة ضرورية وطارئة للمهمة الضخمة التي أخذها لبنان على عاتقه من خلال استضافة أعلى عدد من اللاجئين للفرد في العالم. فقد أنهك عدد طالبي اللجوء في لبنان إلى حد بعيد البنى التحتية والخدمات الاجتماعية الهشة أصلاً فيه، بما في ذلك في القطاع الصحي. وكان القطاع الصحي الحكومي يواجه تحديات كبيرة قبل النزاع السوري. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 28% من اللبنانيين معوزون ويحتاجون لدعم مالي للحصول على الرعاية الصحية بالحد الأدنى، فيما يحتاج ما لا يقل عن 70% من اللاجئين السوريين لمستوى معين من المساعدات الإنسانية للرعاية الصحية. لذلك فإن دعمنا يصب في مصلحة المجتمعات المضيفة اللبنانية واللاجئين على السواء.

كما أن دعمنا ظاهر في جميع أنحاء لبنان. فمن يستفيدون من دعم الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكونوا قد ترددوا إلى واحد من أكثر من 200 مركز رعاية صحية أولية ومستشفى حكومي تلقت تجهيزات جديدة وأدوية مجانية ولقاحات روتينية للأطفال، فضلاً عن استشارات بتكلفة مقبولة وجلسات توعية صحية. ويمكن أن يكون آخرون قد تلقوا تدريباً كالأطباء والصيادلة والممرضين والعاملين الصحيين. بالإضافة إلى ذلك، يدعم مكتب المساعدات الإنسانية في الاتحاد الأوروبي وصول اللاجئين السوريين إلى الرعاية الصحية الثانوية ويغطي الحالات الطبية والجراحية المنقذة للحياة. كما يدعم الاتحاد الأوروبي وزارة الصحة العامة لتعزيز شبكة مراكز الرعاية الصحية الأولية وتوسيعها.

منذ عام 2014، نفّذ الاتحاد الأوروبي مشاريع بقيمة إجمالية وصلت إلى 86 مليون يورو، مما ساهم إلى حد كبير في تحسين قدرة السلطات اللبنانية على تلبية الاحتياجات الصحية الأساسية للاجئين السوريين واللبنانيين المعوزين.

ودعوني أذكر ببعض الأرقام المتعلقة بنتائج ملموسة ومهمة:

- تقديم معدات طبية يصل عددها إلى 264 لثمانية مستشفيات لدعم وحدات التوليد في حالات الطوارئ والعناية الفائقة لحديثي الولادة؛

- أدوية للأمراض الحادة جرى تقديمها لـ214 مركز رعاية صحية أولية شملت نحو 800,000 استشارة؛

- تقديم 3,732,600 جرعة لقاحات لتلقيح حوالي 600,000 طفل؛

- إنشاء 8 مختبرات لفحص المياه لكشف الأمراض المنتقلة في المياه؛

- تدريب حوالي 4,000 عامل في مجال الرعاية الصحية؛

والأهم يبدو بأن مستوى رضا المرضى حيال الخدمات الصحية الحكومية قد تحسّن.

 

المستقبل

منذ بداية الأزمة السورية، جعل الاتحاد الأوروبي الصحة واحداً من المجالات الرئيسية لدعم لبنان في مواجهة تداعيات الأزمة السورية على هذا القطاع. وسيستمر هذا الدعم في المستقبل. ويسعدني أن أعلن أنه قبل يومين فقط، اجتمع مجلس إدارة صندوق مدد الائتماني في بروكسل ووافق على حزمة بقيمة 62 مليون يورو لمشاريع صحية. وهذه أخبار جيدة جداً للقطاع الذي تأثر بشكل خاص بالأزمة وبنقص الموارد المالية المناسبة.

وبالإضافة إلى مبلغ 62 مليون يورو للقطاع الصحي، وافق الصندوق أيضاً خلال الاجتماع عينه على حزمة بقيمة 20 مليون يورو لقطاع الإمداد بالماء والإصحاح والنهوض بالنظافة. وهذه الحزمة المتكاملة ذات أهمية خاصة لأننا نؤمن بشدة بأن المبادرات لبناء منظومات صحية قادرة على التكيف يجب أن تشمل قطاعات عدة، وأن تنقل التركيز من المنافع الفورية إلى إيجاد منظومات ملائمة. وستستمر مبادرات الاتحاد الأوروبي المستقبلية في تلاؤمها الكامل مع هدفين استراتيجيين لاستراتيجية الاستجابة الصحية للوزارة ألا وهما زيادة الوصول إلى الخدمات الصحية للنازحين السوريين واللبنانيين المعوزين، وتعزيز مؤسسات الرعاية الصحية.

 

الخلاصات

حضرة السيدات والسادة،

إننا ندرك تماماً التحديات الاستثنائية التي يواجهها لبنان في الوقت الراهن في ما يتعلق بالقطاع الصحي. وسنستمر في الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني ومساعدته في مواجهة تحدي الأزمة السورية. كما أننا سنستمر في العمل مع لبنان في ما بعد لمساعدته على تحسين الخدمات العامة المقدمة لمواطنيه.

ويود الاتحاد الأوروبي تشجيع كل الجهات المعنية على متابعة جهودها في تعزيز قدرة القطاع الصحي على التكيف. وسيؤدي هذا إلى فرصة للجمع بين الحوار السياسي والمساعدات الإنسانية والتعاون التنموي في إطار مقاربة شاملة ومتماسكة وفاعلة. ونرغب في ألا ينطبق هذا الأمر على القطاع الصحي فحسب بل أن يشمل أيضاً قطاعات أخرى تقدم خدمات مكملة للصحة (أي الحماية والتعليم، إلخ.).

يسير المنتدى والنقاشات خلال هذا المؤتمر الممتد ليومين في هذا الاتجاه، وأود مرة جديدة أن أرحب بهذه المبادرة.

شكراً على حسن إنصاتكم.

الفئة
Speeches of the Ambassador
Location

لبنان

Editorial sections
لبنان