كلمة السفيرة أنجلينا ايخهورست في مؤتمر الفضاء الجديد في أفريقيا

 

السيدات والسادة المحترمون،
يشرفني أن أكون معكم اليوم، ممثلةً الاتحاد الأوروبي، في مؤتمر الفضاء الجديد في إفريقيا 2025.

في البداية، أود أن أعرب عن خالص التعازي لكل من ينعى قداسة البابا فرنسيس. لقد أسرت ابتسامته المعدية قلوب الملايين حول العالم. كان "بابا الشعب" محبًا للحياة، حاملاً الأمل في السلام، متعاطفًا مع الجميع، ومكرسًا للعدالة الاجتماعية.

كما أود أن أرحّب بكم في مصر، لمن جاء من مناطق أخرى من العالم، إذ أعمل هنا. تجمعنا في الاتحاد الأوروبي شراكة رائعة مع مصر، شراكة قوية، شاملة واستراتيجية على جميع المستويات. ونحن في الاتحاد الأوروبي ممتنون للغاية لهذا التعاون القائم.

إن مؤتمر الفضاء الجديد في إفريقيا – هذه السوق – هو منصة محورية لقادة القطاع، الشركات، المستثمرين، وأصحاب المصلحة الرئيسيين في صناعة الفضاء والأقمار الصناعية في القارة. وقد رأينا ذلك بوضوح في المعرض، فهو مبهر للغاية.
الموضوع الرئيسي، "تمكين اقتصاد إفريقيا من خلال الابتكار المرتبط بالفضاء"، يسلّط الضوء بحق على الإمكانات التحويلية لتقنيات الفضاء في دفع النمو الاقتصادي والتنمية في جميع أنحاء القارة.

حضرتُ بالأمس مراسم افتتاح وكالة الفضاء الإفريقية (AfSA)، وأود أن أهنئكم على هذه الرؤية المتميزة لمستقبل الوكالة.
إننا في الاتحاد الأوروبي نرى أن هذه لحظة انطلاق عصر جديد في تطور قطاع الفضاء في إفريقيا. فقد باتت الوكالة الآن الهيئة المركزية لتعزيز التعاون في المبادرات الفضائية على مستوى القارة، وهو ما يعكس التزام إفريقيا بتعزيز قدراتها الفضائية واستخدام هذه التقنيات في خدمة التنمية.

السيدات والسادة،
في الوقت الذي نرى فيه بعض القوى العالمية تنسحب من الساحة – ليس جميعها، بل البعض منها – فإن الاتحاد الأوروبي ليس من بينها. بل إن انخراطنا اليوم أعمق وأقوى من أي وقت مضى.
نرى فجوات تمويلية آخذة في الاتساع على مستوى العالم، ويجب علينا معالجتها. لا بد من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تتطلب سنويًا 4 تريليونات دولار أمريكي. هذا مبلغ ضخم، لكن ليس المال وحده هو العائق.
كما نعلم، أحيانًا يكون الأمر متعلقًا بالإرادة السياسية والمثابرة، وهما ما ينبغي أن يكونا أقوى بكثير.

نرى أن استجابتنا في الاتحاد الأوروبي تتجسد من خلال "البوابة العالمية" (Global Gateway)، ويمكنكم التعرف على هذا في جناحنا بالمعرض.
إنها ركيزة أساسية في شراكتنا وانخراطنا معكم. إنها شراكة شاملة، قائمة على القيم، وتقوم على أساس الربح المتبادل مع الدول الشريكة لنا.

إن الربط بين القارات أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومن خلال "البوابة العالمية"، نسعى إلى سد فجوة البنية التحتية التي تم التطرق إليها أكثر من مرة هذا الصباح.
نهدف إلى الاستثمار في البنية التحتية الاستراتيجية الصلبة (كالسكك الحديدية والموانئ والطرق)، إلى جانب تهيئة البيئة المناسبة من خلال الأطر التنظيمية، وبناء القدرات، وتنمية المهارات، وذلك عبر مقاربة شاملة 360 درجة.
يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينجز الكثير، لكننا كبشر، نحن من نضمن الجودة والعدالة والمساواة.

الأرقام تتحدث عن نفسها: الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء الـ27 – والعديد منها ممثل هنا اليوم – بالإضافة إلى بنك الاستثمار الأوروبي وبنك الإعمار والتنمية الأوروبي، تمكنّا من تعبئة 179 مليار يورو للاستثمار العام والخاص في إطار "البوابة العالمية" خلال الفترة من 2021 إلى 2023.
ونستهدف الوصول إلى 300 مليار يورو بحلول عام 2027، وذلك لدعم تنفيذ "أجندة إفريقيا 2063". أمامنا الكثير من العمل، ونحن لم نصل بعد إلى ما نصبو إليه.
لذا، نحن بحاجة إلى توسيع نطاق "البوابة العالمية" من خلال تعزيز انخراطنا – وهذا ما نقدمه من جانبنا – ونتطلع إلى التعاون مع شركائنا في إفريقيا، بما يشمل القطاع الخاص.

لقد أدرك الاتحاد الأوروبي منذ زمن أهمية التعاون الفضائي مع إفريقيا.
شراكتنا تقوم على القيم المشتركة والمصالح المتبادلة. نهدف من خلالها إلى تعزيز الابتكار، دعم البحث العلمي، ومواجهة التحديات العالمية، وذلك انطلاقًا من ما نسميه "التماثل في استراتيجياتنا وسياساتنا".

لدينا "أجندة الابتكار المشتركة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي"، وشراكتنا الثنائية، والحوار الفضائي بين الاتحادين، واستراتيجية الفضاء الإفريقية، وبرنامج الفضاء الأوروبي، بما في ذلك "كوبرنيكوس" و"غاليلو" – كلها تعكس رؤيتنا المشتركة لمستقبل مزدهر ومتقدم تقنيًا. وهذه تمثل أساسًا قويًا لاستمرار تعاوننا.

الفضاء جزء أساسي من استراتيجيتنا الرقمية، ولهذا يكتسب أهمية متزايدة في تعاوننا: من احتياجات البنية التحتية إلى بناء القدرات، ومن صناع القرار السياسيين إلى الفاعلين في القطاع الخاص.

كما شاهدنا أمس خلال الافتتاح: فإن شراكتنا – بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا – تمتد لأكثر من 20 عامًا، من خلال برامج تدعم استخدام بيانات المراقبة الأرضية والملاحة الفضائية في مجالات متنوعة، مثل إدارة الموارد الطبيعية، قياس تأثير الأنشطة البشرية، والحد من مخاطر تغير المناخ. ونحن فخورون جدًا بهذا التعاون العميق.

وتتجلى هذه الشراكة أيضًا في إنجازات مثل برنامج "GMES إفريقيا"، وهو اختصار لـ "الرصد العالمي للبيئة والأمن في إفريقيا"، والذي استُلهم من برنامج "كوبرنيكوس" الأوروبي، أول برنامج عالمي للرصد الأرضي – مبادرة أوروبية رائدة بالفعل.

كما ندعم الملاحة الفضائية، من خلال "مكتب برنامج EGNOS المشترك"، وهو النظام الأوروبي لتكملة الملاحة الجغرافية، والذي يدعم وكالة "آسيكنا" لتحسين سلامة وكفاءة الملاحة الجوية في القارة.

برنامجنا المشترك مؤخرًا بقيمة 100 مليون يورو بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي في مجال الفضاء، يوضح التزامنا الواضح بالارتقاء بتعاوننا إلى مستوى استراتيجي، مندمج ومتماسك.
سيُعزز هذا البرنامج الحلول الفضائية لدعم اتخاذ القرار، ويسهم في التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يركز هذا البرنامج على تقنيات المراقبة الأرضية والملاحة الفضائية، مع تعزيز التكامل مع خدمات الاتصال الآمن عبر الأقمار الصناعية.
كما نحرص على استدامة وتوسيع المبادرات الفضائية الحالية، وتكميلها بشراكات أقوى على المستوى المؤسسي والسياسي، وكذلك على مستوى القطاع الخاص. هذه هي المقاربة الشاملة التي نعمل على تحقيقها في استثمارات الفضاء.

هناك جلسة مخصصة لهذا الموضوع في برنامج هذا المساء. وسفير الاتحاد الأوروبي لدى الاتحاد الإفريقي سيكون معكم أيضًا بعد الظهر. آمل أن يشارك العديد منكم في هذه المناقشات.

وأخيرًا، لا يمكن التقليل من الأهمية الجيوسياسية لشراكتنا.
نعم، قد يكون هذا أمرًا بديهيًا، لكنه مهم للغاية. ففي عالم يتغير فيه المشهد الجيوسياسي باستمرار، فإن تعاوننا في مجال التكنولوجيا الفضائية يبعث برسالة قوية حقيقية.
إنه يُظهر أن إفريقيا والاتحاد الأوروبي متحدان في سعيهما نحو التقدم والابتكار – نحو إحداث فرق حقيقي.
نحن متحدون، ملتزمون بالعمل سويًا لمواجهة التحديات الحاسمة في عصرنا، من تغيّر المناخ إلى التنمية الاقتصادية.

إنها رحلة مثيرة نخوضها معًا، وأنا واثقة أن الأيام القادمة من مؤتمر "NewSpace Africa" ستُسهم في تحفيز أفكارنا وشراكاتنا المثمرة حول هذا المسار.
نتطلع إلى نتائج طيبة، ويسعدني أن هذا المؤتمر يُعقد في مصر، وأنني هنا معكم اليوم.
شكرًا لتعاونكم.