افتتاح مركز تأهيل الأحداث المخالفين للقانون بتمويل من الاتحاد الأوروبي

في خطوة ملموسة للبنان على طريق إصلاح نظم عدالة الأحداث، افتُتح يوم الأربعاء 28 أيار 2025 مركز مخصص لإعادة تأهيل الأحداث المخالفين للقانون في منطقة الوروار – بيروت بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
ويُحوّل هذا المركز الجديد الطابع المؤسسي التقليدي إلى بيئة مُرحّبة تماشياً مع المعايير والممارسات الدولية، ويتميز بهندسة معمارية مدروسة وتصميم عملي وجداريات ملهمة رسمها الشباب. وسيوفر المركز بيئة آمنة وصديقة لنحو 100 من الأحداث المخالفين للقانون الذين كانوا موجودين سابقاً في جناح الأحداث في سجن رومية. وسيتمكن الأحداث في المركز من تلقي خدمات اجتماعية ونفسية، بهدف دعم إعادة إدماجهم بشكل فعّال في المجتمع.
وهذه المبادرة ثمرة سنوات من التعاون بين وزارة الداخلية والبلديات وقوى الأمن الداخلي والاتحاد الأوروبي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، مدفوعة برؤية مشتركة لدعم الأحداث المخالفين للقانون.
© European Union, 2025
حضر حفل الافتتاح وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله، والمدير العام لوزارة العدل القاضي محمد المصري، وسفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دو وال، والممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا كريستينا ألبرتين، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين اللبنانيين، والقضاة، وشركاء من منظمات المجتمع المدني.
في كلمته الافتتاحية، أكّد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار على أهمية هذه اللحظة المفصلية بالنسبة إلى الوزارة "كونها تتعلق برعاية وتأهيل فئة هشة وضعيفة وهي الأحداث. لكن هذا ليس مجرد افتتاح مبنى. فهذا المركز يمثل مساحة أمل وفرصاً جديدة للأحداث الذين ضلّوا طريقهم. إنّه مساحة يمكنهم فيها إعادة اكتشاف إمكاناتهم والاندماج في المجتمع كأفراد منتجين ومتمكنين. وقد تفهمنا عميقاً الظروف النفسية والاجتماعية التي قد تدفع بعض الأحداث إلى ارتكاب مخالفات.لذلك، كان لا بد من التوجه نحو مقاربة إصلاحية لا عقابية. ومن واجبنا - كدولة لبنان - أن نوفر لهؤلاء الشباب البيئة والدعم والموارد التي يحتاجونها لإعادة بناء حياتهم واستعادة مستقبلهم".
وفي كلمة ألقاها المدير العام لوزارة العدل القاضي محمد المصري، ممثلاً وزارة العدل، حيث شدد على أن افتتاح مركز تأهيل الأحداث المخالفين للقانون يشكّل أكثر من مجرد لحظة احتفالية؛ بل هو محطة تأمل ومراجعة، وخطوة جادة في مسار العدالة الإصلاحية في لبنان. وقال "ان مصلحة الأحداث في وزارة العدل مؤتمنة على الإشراف على حسن تنفيذ البرامج التأهيلية للأحداث والتنسيق مع الجمعيات الأهلية."
وأكّد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله، على الأثر العملي لهذا الإنجاز الوطني، فقال إنّ "الغاية من هذا المشروع هي احتضان الأحداث في مبنى مستقل ليُعاملوا بحسب الأساليب التقويمية المتقدمة والعالية الجودة". كما أشار إلى "الأهمية الاستراتيجية للمركز كجزء من التزام الدولة اللبنانية بحماية المصلحة الفضلى للحدث وإتاحة الفرصة للأطفال والشباب لإعادة بناء حياتهم من خلال البرامج التعليمية والدعم النفسي والاجتماعي والتدريب المهني".
ويُعدّ تحسين ظروف احتجاز الأحداث أحد الركائز الأساسية للدعم المستمر الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي. كما موّل الاتحاد الأوروبي إنشاء مرافق صديقة للأحداث في قصور العدل في جميع أنحاء البلاد، ودعم برامج بناء قدرات القضاة المتخصصين في عدالة الأطفال. وأشارت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دو وال إلى أنَّ "هذا المركز لا يتماشى مع المعايير الدولية فحسب، بل يوفّر أيضاً بيئة داعمة وصديقة للطفل والشباب. وهذا ليس مفيداً لهم فحسب، بل هو مفيد أيضاً للمجتمع اللبناني ككل... فإيجاد بيئة حاضنة تعزز إعادة التأهيل والادماج في المجتمع، يُسهم بشكل فعّال في تقليص فرص الانتكاس، ويُظهر لهم أن الأمل لا يزال قائماً، وأن الحياة تمنح دائماً فرصة جديدة."
ويستند إتمام هذا المركز الجديد إلى مبادرة رائدة أُطلقت عام 2003، حين دعم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إنشاء مركز لتأهيل القاصرات قرب مستشفى ضهر الباشق – في خطوة مهمة نحو تأسيس عدالة مراعية للنوع الاجتماعي وتتمحور حول حقوق الطفل في لبنان. من جهتها، شدّدت الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كريستينا ألبرتين على أهمية الجهود التعاونية التي توفر للأطفال المخالفين للقانون فرص إعادة التأهيل وإعادة الإدماج، وقالت: ”أغلِق باب السجن إلى الأبد أمام الأحداث المخالفين للقانون، لتُفتح أمامهم أبواب منشأة تواكب المعايير الأممية وأفضل الممارسات الدولية... منشأة توفّر بيئة آمنة، تحفظ الكرامة، وتدعم إعادة التأهيل والاندماج من خلال أنشطة وبرامج هادفة تعزّز الصحة، والاحترام الذاتي، وتحفّز حسّ المسؤولية، وتغرس المهارات الحياتية الأساسية في شخصية الأطفال والشباب."